إلا أنه لا طريق إليه ، إلا فرار العقلاء من الضرر المحتمل لئلا يقعوا فيه ، لا أن فرارهم هذا لحكمة نوعية تدعوهم إلى الفرار ، كما في البناء على العمل بالظاهر ، أو بخبر الثقة ، حتى يكون هذا البناء بضميمة إمضاء الشارع ، أو عدم ردعه عنه موجبا لمنجزية الاحتمال شرعا.

ومن جميع ما ذكرنا تبين أنه لا صحة لوجوب دفع الضرر المحتمل ، لا بملاك التحسين والتقبيح العقليين ، ولا بملاك آخر يجدي في المقام.

٣١ ـ قوله (قدّس سره) : حيث إنهم لا يحترزون عما لا يؤمن مفسدته (١) ... الخ.

الأولى تسليم احترازهم ، وعدم الدلالة على أنه بملاك التحسين والتقبيح ، وإلا فاحترازهم عن المفسدة المحتملة إذا كانت ضررا دنيويا مما لا يكاد ينكر.

كما أنّ إذن الشارع لا يكشف عن أنّه لو خلي ونفسه لا يكون قبيحا ، بل عن أنه ليس موضوعا تامّا للقبح كالظلم على ما عرفت تفصيله (٢) ، ويجدي القبح في نفسه للخصم عند ملاحظة القاعدتين العقليتين كما عرفت.

وأمّا ما حكي عن شيخ الطائفة (قدّس سره) من استشهاده بقبح الأخبار عما لا يعلم.

فهو مدفوع بأنه ليس من أجل كونه محتملا للكذب ، بل من أجل كونه إغراء بالجهل على حدّ الأخبار عما يعلم عدمه.

فالوجه في قبحه اشتراكه مع الكذب في العنوان القبيح.

__________________

(١) كفاية الأصول / ٣٤٤.

(٢) في التعليقة المتقدمة.

۴۶۴۱