فشرب المائع ليس موضوعا للحكم ، حتى يقال : إن شرب المائع حيث لم يعلم عنوانه ، وهو كونه خمرا ، فهو مرفوع.
بل شرب الخمر هو الموضوع ، وهو المرفوع إذا كان مجهولا ، وحينئذ ، فالمراد من الجهل به هو الجهل بتحققه.
فالموضوع تارة : يكون معلوم الوجود ، فيترتب عليه حكمه.
وأخرى : مجهول الوجود ، فحكمه مرفوع ، ولم يلزم حينئذ تعلق الجهل بالمفرد ، بل بكونه موجودا.
منها : إرادة الحكم والموضوع معا من الموصول ، بلحاظ عموم الموصول من حيث انطباقه عليهما ، فالمراد رفع كل ما كان مجهولا ، حكما كان أو موضوعا.
وأورد عليه شيخنا العلامة ( رفع الله مقامه ) في تعليقته (١) بعدم إمكانه.
لأن إسناد الرفع إلى الحكم إسناد إلى ما هو له ، واسناده الى الموضوع إسناد إلى غير ما هو له ، والجامع بين الاسنادين غير معقول.
والجواب : أن الحاجة إلى الاسناد الجامع بين الاسنادين إنما تثبت إذا كان اتصاف الاسناد الواحد ـ بكونه إلى ما هو له ، وإلى غير ما هو له ـ من باب اتصاف الواحد بوصفين متقابلين ، وهو محال ، فلا بد من تعقل إسناد جامع ، وهو أيضا محال ، لعدم خروج الطرف عن كونه ما هو له ، أو غير ما هو له ، وإلا فلا إسناد.
مع أن اتصاف الاسناد الواحد بوصفين متقابلين ـ إذا كانا اعتباريين ـ معقول ، لتعقل اعتبارين في واحد ، بلحاظ كل منهما له اعتبار مغاير لاعتبار آخر ، نظير ما ذكرنا (٢) في باب استعمال اللفظ في معنييه : الحقيقي والمجازي ، في
__________________
(١) التعليقة على فرائد الاصول / ١١٤ و ١١٥.
(٢) نهاية الدراية / ١. التعليقة ٩٦.