وثانيا : أن رفع الجزئية ، وان لم يستلزم رفع الأمر النفسي عن الأكثر ، إلا أنه يرفع المؤاخذة على الواجب النفسي ، من قبل تركه بترك الجزء المشكوك ، ولا أثر للعلم الاجمالي بالأمر النفسي ، الذي لا أثر له على تقدير تعلقه بالأكثر ، وإن لم ينحل برفع أحد طرفيه.
وأما عدم ثبوت وجوب الأقل نفسيا برفع جزئية المشكوك فلا يضرنا بعد العلم باستحقاق العقاب على ترك الواجب النفسي ، بسبب ترك كل واحد من الأجزاء ما عدا المشكوك.
مع أنك قد عرفت سابقا (١) البرهان على قيام غرض نفسي بالأقل الكاشف ـ بنحو كشف العلة عن معلولها ـ عن ايجاب نفسي متعلق بالأقل في هذه الحال فراجع.
ومما ذكرنا يندفع إشكال الأصل المثبت بتقريب آخر ، وهو أن الماهية المتعلقة بها الأمر النفسي إما ملحوظة بنحو اللابشرط القسمي أو بنحو البشرطشيء ، ونفي الثاني لا يثبت كونها متعينة بالتعين اللابشرطي.
وأما دفعه (٢) بأن الاطلاق مقابل للتقييد بتقابل العدم والملكة ، لا بتقابل التضاد ، فاطلاق الماهية عين عدم تقيدها الثابت بحديث الرفع.
فمخدوش : بأن الاطلاق بمعنى اللابشرطية معنى ، وعدم تقيد الماهية بخصوصية معنى آخر ، فان اللابشرطية ملاحظة الماهية بحيث لا تكون مقترنة بخصوصية ، ولا مقترنة بعدمها ، فعدم الاقتران بالخصوصية لازم أعم للماهية اللابشرط والماهية بشرط لا ، لا أنه عين لحاظ الماهية لا بشرط.
نعم بعد الفراغ عن عدم اقتران الماهية بعدم الخصوصية ينحصر الأمر
__________________
(١) في التعليقة ٨٨.
(٢) كما عن المحقق النائيني قده. فوائد الأصول ٤ / ١٦٣.