وهو على فرض صحته أجنبي عن الاجماع المصطلح ، لأن الاستحقاق : إن كان عقليا ، فملازمته للعقاب في الآخرة وعدمها واقعيان ، لا جعليان تشريعيان ، فان أحد الطرفين مجعول عقلائي والآخر مجعول تكويني ، والملازمة وعدمها ليسا بتشريعيين حتى يكون الاجماع على أمر تعبدي ومجعول تشريعي.
وإن كان الاستحقاق شرعيا ، فهو وإن كان قابلا شرعا للاناطة بشيء ، فتكون الملازمة جعلية شرعية ، إلا أن إناطته بفعلية نفس العقاب في الآخرة غير معقولة حتى بنحو الشرط المتأخر ، لأنّ فعلية العقاب مترتبة على استحقاقه ، فترتب استحقاقه على فعليته دوريّ ، للزوم كون الشيء شرطا لنفسه.
نعم ، إناطة الاستحقاق ـ بعدم ما يمنع عن فعلية العقاب ـ معقولة ، فيرجع الأمر إلى إناطة الاستحقاق بالبيان بالاجماع ، فهو استدلال على عدم الاستحقاق مع الجهل بالاجماع من دون حاجة إلى الآية حتى يصح الاستدلال المفيد للقطع بالمركب من الآية والاجماع ، كما هو المقصود في محل النزاع ، فتدبّر جيّدا.
٦ ـ قوله (قدس سره) : مع وضوح منعه ضرورة أن ما شك (١) ... الخ.
ملخصه منع اعتراف الخصم بالملازمة بين عدم الفعلية وعدم الاستحقاق ، فان مجهول الحكم ليس بأعظم من معلومه ، وأدلة الاحتياط ليست بأقوى من أدلة الواجبات والمحرمات الواقعية بعناوينها ، مع أن عدم فعلية العقاب هناك لا يلازم عنده عدم الاستحقاق ، فكيف يقول بها هنا؟
وصرح (قدس سره) في تعليقته (٢) الأنيقة على رسالة البراءة بوجهه ، وهو أن الاخبار بالعقوبة من باب الاخبار بالشيء لقيام ما يقتضيه.
__________________
(١) كفاية الاصول / ٣٣٩.
(٢) التعليقة على فرائد الاصول / ١١٤.