ومنه تبين أن القائل بالاباحة كشيخنا الاستاذ (قدّس سره) لا بد له من التخصيص بالتوصليين ، فان تخييره عملا ، وإن لم يكن منافيا للتعبدية إلا أن حكمه بالاباحة ينافي التعبدية.
نعم مثل الشيخ الأجل (قدّس سره) حيث يختار التوقف (١) ، وعدم الالتزام إلا بالواقع على ما هو عليه مع التخيير عملا بين الفعل والترك ، لا موجب للتخصيص عنده ، لا من حيث التخيير ولا من حيث التوقف ، وانما تخصيصه بالتوصليين لا بناء على مختاره (قدّس سره) ، بل بالنظر الى جريان جميع الوجوه.
٦٥ ـ قوله (قدّس سره) : ومع احتماله لا يبعد دعوى استقلال العقل بتعينه (٢) ... الخ.
ربما يشكل بأن الحكم الشرعي الواقعي تعييني ، وهو إما الوجوب معينا ، أو التحريم معينا ، وليس كموارد التخيير والتعيين الشرعيين مما يحتمل كون الحكم الشرعي تعيينيا أو تخييريا.
بل لا يعقل كون الحكم الشرعي تخييريا بين الوجوب والحرمة في واقعة واحدة ، فان الايجاب التخييري إنما يعقل بين فعلين ، حتى يكون ايجابا له ، وترخيصا في تركه إلى بدل.
وأما ايجاب الفعل مع تجويز تركه لا الى بدل ، فينافي حقيقة الايجاب فضلا عن ايجاب تركه تخييرا أيضا.
وكذا الأمر في جعل الحكم المماثل على طبق الوجوب والحرمة تخييرا ، فانه في المحذور كالتخيير بين الحكمين الواقعيين.
وأما التخيير بين الخبرين الدال أحدهما على الوجوب والآخر على
__________________
(١) فرائد الأصول المحشى : ٢ / ٦٤ و ٦٥
(٢) كفاية الأصول : ٣٥٦.