ولا ريب ايضا في عدم التعارض لأن موضوع عدم الاستحباب فعلا نفس الفعل بعنوانه ، وموضوع اخبار من بلغ المفيدة للاستحباب هو الفعل بما هو مما قد بلغ فيه الثواب.
وثالثة : يلاحظ التنافي بين أدلة حجية الخبر الصحيح ونفس أخبار من بلغ.
وظاهر الشيخ الأعظم (قدّس سره) في رسالة التسامح (١) أنهما متعارضان ، والأصل فيه تساقطهما. وهذا بناء على أن مفاد ( أخبار من بلغ ) حجية الخبر الضعيف ، كأدلة حجية الخبر الصحيح ، وكل منهما يقتضي إلغاء احتمال خلاف مورده.
ويندفع بأن دليل حجية الخبر الصحيح على الطريقية يقتضي تنزيل مؤداه منزلة الواقع ، فإلغاء الاحتمال فيه راجع إلى إلغاء خلاف المحتمل ، وأنه غير مستحب ، وإلغاء الاستحباب لا إلغاء أثر الاحتمال بما هو ، فان ( أخبار من بلغ ) تثبت استحباب الفعل لا بما هو ، بل بما هو مما بلغ فيه الثواب ، وبلوغ الثواب لا تخلف له ، فهي على فرض إثبات الحجية تثبت الحجية على وجه الموضوعية ، لا على وجه الطريقية ، كدليل حجية الخبر الصحيح المفيد للحجيّة على وجه الطريقية.
فتنزيل أدلة حجية الخبر الصحيح ـ على فرض التنزيل منزلة القطع ـ يراد منه التنزيل منزلة القطع الطريقي دون الموضوعي.
والعجب من الشيخ (قدّس سره) مع التفاته إلى هذا المعنى كيف حكم بالتعارض والتساقط؟
ومما ذكرنا تبين أنه لا حاجة إلى استحباب الفعل بملاك بلوغ الثواب بأخبار من بلغ ، نظرا إلى أن أخبار من بلغ تثبت الثواب على أي تقدير ، فسقوطها
__________________
(١) مجموعة رسائل فقهية واصولية / ٣٣.