وذهب إليه الشيخ الأعظم (قدّس سره) في رسالة التسامح (١) ، نظرا إلى أن العمل بكل شيء على حسب ذلك الشيء ، والعمل بالخبر الوارد في الفضائل نشرها ، والوارد في المصائب ذكرها للابكاء مثلا قائلا :

إن العقل يحكم بحسن العمل مع الأمن من مضرة الكذب ، وأن عموم النقل كما في النبوي (٢) ورواية الاقبال (٣) يقتضي استحبابه.

ولا بد من تقديم مقدمة ، وهي أن الخبر عن الموضوع بما هو لا يراد منه إلا العمل المتعلق به إلا أن العمل :

تارة : يكون من غير مقولة القول ، كما فيما إذا قام الخبر على أن هذا الموضع الخاص مدفن نبي من الأنبياء (عليه السلام) أو مسجد ، فان الثابت به استحباب الحضور عنده وزيارته ، واستحباب الصلاة فيه ، وهذا في نفسه لا محذور فيه.

واخرى : من مقولة القول المتصف بالصدق والكذب.

ولا بد حينئذ من تنقيح أن الكذب القبيح عقلا والمحرم شرعا ما ذا؟

لا ينبغي الريب في أن الصدق الخبري والكذب الخبري لا حكم لهما عقلا ولا شرعا ، وإنما المناط في الحسن والقبح والجواز والحرمة بالصدق والكذب المخبريين.

ولا ريب في أن الصدق المخبري هو القول الموافق للواقع بحسب اعتقاد المخبر ، إلا أن الكلام في الكذب المخبري المقابل للصدق المخبري ، هل بينهما التقابل بالتضاد أو بنحو العدم والملكة؟ بمعنى أن الكذب المخبري هو القول الذي يعتقد أنه خلاف الواقع ، أو القول الذي لا يعتقد أنه موافق للواقع فما لا

__________________

(١) مجموعة رسائل فقهيّة واصولية / ٢٨.

(٢) عدة الداعي / ٤.

(٣) الاقبال / ٦٢٧.

۴۶۴۱