بالأصل المثبت (١).

فانه قد يتساءل : بان مجرد إثبات عدم فعلية الواقع تكفي في نفي التكليف فعلا ، سواء كان ما أتى به مسقطا أو لم يكن ، فما هي جهة الاهتمام بهذا الأمر مع فرض ثبوت عدم فعلية الواقع بالأصل؟.

هذه هي مواضع الغموض في كلامه وقد تبين انها في جهتين :

الجهة الأولى : في تشخيص المراد من العلم ، وبيان جهة الحاجة إلى أصالة عدم الإتيان بما يسقط معه التكليف.

ويمكن رفع الغموض في هذه الجهة بان يقال : ان المقصود بالعلم هو العلم التفصيليّ ، وبالأصل الاستصحاب الموضوعي الّذي يثبت به بقاء التكليف ، لا الاستصحاب الحكمي ـ أعني استصحاب نفس بقاء التكليف ـ. بيان ذلك : انا نعلم تفصيلا بثبوت الحكم الواقعي قبل الإتيان بمؤدى الأمارة ، سواء كانت حجية الأمارة من باب الطريقية أو من باب السببية ، فان الحكم الواقعي له نحو تقرر على كلا التقديرين ، وقد وقع الكلام في كيفية ثبوته وتقرره. وقد ذهب صاحب الكفاية في مبحث الجمع بين الأحكام الواقعية والظاهرية إلى انه يكون في مورد الطرق والأمارات حكما إنشائيا لو علم به يصير فعليا ويتنجز (٢).

وعليه ، فبعد الإتيان بمؤدى الأمارة وانكشاف الخلاف نعلم تفصيلا بان الحكم الواقعي كان ثابتا بثبوت إنشائي ، لكنا نشك في بقائه وارتفاعه من جهة الشك في كون المأتي به مسقطا وعدمه ، فيستصحب عدم الإتيان بما هو مسقط للتكليف ، فيترتب عليه بقاء التكليف ـ ولا يجري استصحاب بقاء التكليف ، لإمكان إجراء الأصل في الموضوع ، ومعه لا تصل النوبة إلى إجرائه في المسبب ـ ،

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٨٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٧٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۲۶۱