ثبوتا واقعيا لا يتصور فيه انكشاف خلاف ، بل يرتفع بارتفاع موضوعه لانكشاف الخلاف في موضوعه.
وإذا تبين هذا فنقول : ان أدلة الاشتراط تتكفل إثبات الشرطية للطهارة ودخل وجودها في العمل الصلاتي ـ مثلا ـ ، فالدليل المتكفل لجعل الطهارة وإيجادها في عالمها الواقعي لها ـ أعني العالم الاعتباري ـ يكون موجبا لترتب الشرطية عليها بالدليل الأول ، لأنه قد حقق أحد مصاديق الموضوع ، فيترتب عليه الحكم قهرا ، فيكون حاكما على أدلة الاشتراط بالمعنى الأول للحكومة التي عرفت انها ليست من أنواع الحكومة الاصطلاحية ، لعدم النّظر في الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم أصلا ، لأنه لا يتكفل سوى جعل فرد وإيجاده من دون ان ينظر إلى ترتب الحكم الثابت بذلك الدليل عليه مما تقدم.
وبالجملة : حال أصالة الطهارة بالنسبة إلى دليل الاشتراط حال ما يتكفل تكوين « عالم » حقيقة بالنسبة إلى دليل : « أكرم العلماء » ولما لم يكن للشرطية أثر مناقض مترتب على النجاسة الواقعية ، إذ لم تؤخذ النجاسة مانعا لامتناع ذلك كما عرفت الإشارة إليه ، كان ثبوت الشرطية للطهارة الظاهرية ـ بمعنى المجعولة في حال الشك بالطهارة والنجاسة الواقعيتين ـ ثبوتا واقعيا.
فالطهارة الظاهرية شرط واقعا. فيكون العمل الّذي جاء به مع الطهارة الظاهرية واجدا لما هو الشرط واقعا ، فإذا زال الشك وعلم بالنجاسة وزالت الطهارة الظاهرية لم يكن في العمل بالنسبة إلى الشرط انكشاف خلاف الواقع لوجدانه للشرط واقعا ، وانما يكون من باب تبدل الموضوع فتزول الشرطية قهرا ، لارتفاع موضوعها كما لو تنجس الطاهر.
وعليه ، فالمقصود من حكومة أصالة الحل والطهارة على أدلة الاشتراط هذا المعنى من الحكومة ـ أعني حكومة ما يتكفل إيجاد ما هو الموضوع واقعا وتكوينه ـ ، فيترتب عليه الأثر واقعا بأدلة الاشتراط.