ما لو التزم باقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضده الخاصّ ، فيكون الأمر بكل من الضدين مقتضيا لتعلق النهي بالضد الآخر ، فيلزم اجتماع الأمر والنهي في كل من الضدين. ومن الواضح انه لا يرتفع ذلك بالترتب ، لأن الأمر بكل منهما في حال عصيان الأهم ثابت ، فيثبت منه نهي عن كل منهما. فيجتمع الضدان في شيء واحد.

إلاّ انه ذكر المثال بنحو آخر وهو : اجتماع الوجوب والحرمة في ترك المهم ، لأن الترك مقدمة للواجب الأهم ، فهو واجب كما انه نقيض الواجب فيكون محرما. وهو غير مهم في المقام. فانتبه.

وقد تعرض إلى بيان هذه الجهة المحقق الأصفهاني رحمه‌الله (١).

وهو في نفسه متين. إلاّ ان لنا مناقشة مع المحقق المذكور ترجع إلى عالم الاصطلاح والتعبير ، فانها وان لم تكن أساسية دخيلة في أصل المطلب ، إلاّ انه قدس‌سره لالتزامه بالتعبير عن المطالب بالألفاظ المناسبة لها بنحو الدقة ، ولذا يستشكل كثيرا على التعبير عن بعض المطالب ببعض الألفاظ ويبني على إبدالها بلفظ آخر ـ لأجل ذلك ـ كان موردا لما سنبينه من المناقشة. وبيان ذلك : ان الثابت أن الأحكام بما انها أمور اعتبارية لا تضاد بينها بأنفسها ـ مع الغض عن المبدأ والمنتهى ـ ، لأن الاعتبار خفيف المئونة فلا محذور في اعتبار الأحكام الخمسة في شيء واحد ، إلاّ انه يقع التضاد بين الأحكام من جهة المبدأ ، فان اعتبار الوجوب حيث ينشأ من تعلق الإرادة بالفعل يكون مضادا لاعتبار الحرمة. حيث انه ينشأ من تعلق الكراهة بالعمل ، فالحرمة والوجوب متضادان من جهة مبدئهما.

وقد أنكر البعض وقوع التضاد من جهة مبدأ الأحكام وحصره من جهة

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٤٤ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۶۱