مساوقا لانعدامه لم يعقل ترتيب الحكم عليه للغوية جعله بعد ان كان بما لا يصل إلى مرحلة الفعلية ، ولأجل ذلك يمتنع أخذ النسيان والغفلة موضوعا لحكم من الأحكام ، لأن إحراز نسيان الشيء والالتفات إليه يلازم ارتفاع النسيان وانعدامه كما لا يخفى ، فلا يصل الحكم المرتب عليه إلى مرحلة الفعلية في حال من الأحوال فيكون جعله لغوا. وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأن العلم بعصيان الأمر بالجهر مساوق لارتفاع الجهل ومعرفة لزوم الجهر عليه فلا يتحقق منه العصيان ، فيمتنع تعليق الحكم على العصيان في الفرض لعدم صيرورته فعليا أصلا فيكون لغوا (١).
ويمكن المناقشة في هذا الوجه : بأنه انما يلزم ويتم لو كان المأخوذ في الأمر بالإخفات عصيان الأمر بالجهر. اما إذا أخذ في موضوعه ترك الجهر فلا يتم ما ذكر ، لإمكان العلم بترك الجهر والالتفات إليه مع الجهل بوجوبه فيكون الحكم فعليا.
وقد عرفت ان تقييد الأمر بالمهم بعصيان الأمر بالأهم بلا ملزم ، بل يمكن تقييده بترك الأهم لارتفاع التزاحم به ، فليلتزم فيما نحن فيه بذلك.
وعليه ، فالإيراد الأول هو المتوجه دون الثاني. ونضيف إليه محذورا آخر في جريان الترتب ، وهو : ان عصيان الأمر بالجهر أو تركه لا يكون في الفرض إلاّ بالإتيان بالإخفات. وعليه فيمتنع ان يتعلق به الأمر معلقا على عصيان الأمر بالجهر أو تركه ، لكون المفروض ان العصيان معلول القراءة الإخفاتية ، فكيف تتفرع القراءة الإخفاتية على العصيان لتفرع الأمر بها عليه وهي متفرعة على الأمر؟!.
بيان ذلك : ان توجيه صحة الصلاة الإخفاتية مع تحقق العصيان انما
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٣١١ ـ الطبعة الأولى.