يقال أنه عصى الأمر إذ لا امر. فهو نظير امتثال الأمر في لزوم ثبوت الأمر في حاله ، وإلاّ فلا موضوع للامتثال.

والجمع بين هذين الأمرين البديهيين وهما سببية العصيان للسقوط وضرورة وجود الأمر حال العصيان هو ان يقال : ان سقوط الأمر بالعصيان المتحقق الّذي لا يصدق ـ أعني العصيان المتحقق ـ إلا بمضي آن ما عن زمان الامتثال ، والأمر انما يثبت في الحال الّذي يتحقق فيه العصيان.

وتوضيح ذلك : انه في الآن الّذي يتحقق فيه العصيان والمخالفة يكون الأمر ثابتا وهو آن الامتثال ، وبمضيّ آن ما على ذلك الحال وزمان الامتثال يسقط الأمر لعدم إمكان امتثاله ، فمثلا في الآن الأول من النهار يكون الأمر بالإمساك ثابتا ، فإذا لم يمسك المكلف ومضي ذلك الآن فقد مضى زمان الامتثال فيسقط الأمر في الآن اللاحق لآن الامتثال.

فان شئت قلت : المسقط للأمر هو مضي زمان الامتثال ولو آناً ما ، أو المسقط له هو العصيان المتحقق ، وقد عرفت عدم تحقق هذا العنوان الا بمضي آن ما من زمان الامتثال. فمن يقول بان العصيان مسقط للأمر غرضه هذا المعنى ، لا انه حال العصيان يسقط الأمر ، فان ذلك محال كما عرفت.

وعليه ، ففي حال العصيان يكون الأمر بالأهم ثابتا ، فيجتمع مع الأمر بالمهم زمانا لثبوته في ذلك الحال أيضا ، وبعد مضي زمان العصيان والامتثال يسقط الأمر بالأهم فلا يكون زمان ثبوت الأمر بالمهم هو زمان سقوط الأمر بالأهم. فتدبر (١).

ثم انه قد اتضح ان مهمة هذه المقدمة ليست إلا دفع بعض الإشكالات على الترتب ، فليست هي من مقدمات تصحيح الترتب وبيان صحته من الجهة

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٣١ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۶۱