جميع الافراد العرضية في آن من الآنات مزاحمة لواجب مضيق ، نظير مزاحمة الإزالة للصلاة ، فلا ينفع ما ذكره إلاّ بالالتزام بالواجب المعلق ، وذلك لأن الجامع في آن المزاحمة غير مقدور لعدم القدرة على أي فرد من افراده ، لكون المفروض مزاحمة كل منها للواجب الأهم. فإذا كان الجامع غير مقدور امتنع تعلق التكليف بالجامع فعلا. نعم بناء على الواجب المعلق يلتزم بأنه فعلا متعلق بالجامع في الآن الّذي يلي آن المزاحمة ، لأنه مقدور في ذلك الآن ، لكنه قدس‌سره لا يلتزم بالواجب المعلق ويرى انه مستحيل كما تقدم. هذا إيضاح ما أفاده المحقق الأصفهاني (١) وهو وجه لطيف. لكنه لا يخلو عن مناقشة سيأتي التعرض لها في غير هذا المقام فانتظر.

وقد ذهب السيد الخوئي ( حفظه الله ) إلى : ان القدرة ليست شرطا للتكليف وانما هي شرط لحكم العقل بلزوم الإطاعة.

وقد قرب هذه الدعوى : بان الإنشاء لما لم يكن عبارة عن إيجاد المعنى باللفظ ، إذ اللفظ ليس وجودا تكوينيا للمعنى ، كما انه لا يصلح ان يكون وجودا اعتباريا له ، لأن الاعتبار فعل نفساني يقوم بالنفس ، ولا يحتاج فيه إلى اللفظ ، وانما كان عبارة عن إبراز الاعتبار النفسانيّ وإظهاره ، لم يكن التكليف عبارة عن إنشاء البعث والتحريك نحو العمل ، وانما كان عبارة عن جعل الفعل في عهدة المكلف ، وهذا يستتبع حكم العقل بوجوب الامتثال والإطاعة.

وإذا كانت حقيقة التكليف ذلك لم يمتنع تعلقها بغير المقدور ، إذ هو كسائر الأحكام الوضعيّة التي لا شك في صحة تعلقها بغير المقدور. فيصح جعل الفعل في عهدة المكلف غير القادر.

نعم هي شرط في حكم العقل بلزوم الامتثال والإطاعة ومأخوذة في

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٤٧ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۶۱