وكونه هو المحكم المرجع ، وان كان تاما في نفسه ، إلا ان الّذي ينبغي ذكره بيان تقريب اقتضاء إطلاق دليل الأمر الاضطراري للإجزاء وجهة دلالته عليه ، فانه هو الّذي ينبغي ان يحرر ، لا بيان الرجوع إلى الإطلاق لو اقتضى الإجزاء ، فلاحظ.
وقد قرب الإجزاء في بحثه ـ كما في مصابيح الأصول (١) ـ بنحو آخر يختلف عما جاء في التعليقة. وبيانه : ان الأمر الاضطراري ملازم للاجزاء وذلك لأن الصور الثبوتية للأمر الاضطراري كما جاء في الكفاية أربعة ، ثلاثة منها تلازم الاجزاء وواحدة وهي الصورة الثالثة ـ حسب ترتيب الكفاية ـ تقتضي عدم الإجزاء كما عرفت بيانه.
والأمر الاضطراري في هذه الصورة ـ أعني الثالثة ـ غير معقول ، وذلك لرجوع الأمر فيه إلى التخيير بين الأقل والأكثر ، فان الفعل الاختياري مأمور به ، اما وحده أو مع الفعل الاضطراري وهو ـ أي التخيير بين الأقل والأكثر ـ محال كما يحقق في محله إن شاء الله تعالى. وإذا ثبت انه في الصورة الثالثة ليس هناك امر اضطراري وانه إذا وجد فهو لا ينفك عن ان يكون بأحد الأنحاء الثلاثة الأخرى ، وقد عرفت انه ملازم للإجزاء فيها جميعها فيمكن على هذا دعوى ملازمة الأمر الاضطراري للإجزاء بلا احتياج إلى تقريب إطلاق أو قيام ضرورة وإجماع.
وفيه : ان التخيير بين الأقل والأكثر بعنوانه غير معقول كما ذكر ، لكن سيأتي إن شاء الله تعالى إرجاع ما ظاهره التخيير بين الأقل والأكثر إلى التخيير بين المتباينين بدعوى ان طرف التخيير هو الأقل بحده وبشرط لا وهو مباين للأقل بشرط شيء الّذي يتحقق بالأكثر.
__________________
(١) بحر العلوم علاء الدين. مصابيح الأصول ١ ـ ٢٦٣ ـ الطبعة الأولى.