وبالجملة : لما كان التمانع بين الضدين بمعنى امتناع اجتماعهما ، فالعقل لا يرى سوى لزوم ثبوت عدم أحدهما عند وجود الآخر كي لا يلزم المحال ، وهذا لا يستدعي تقدم عدم أحدهما على الآخر.

وخلاصة الكلام : ان الوجوه التي ذكرها صاحب الكفاية في المقدمية خالية عن الإشكال ، فيتعين بها نفي المقدمية.

ثم ان المحقق النائيني نفي المقدمية بوجه استلّه من الإشكال الّذي ذكره الكفاية على الدور. ومحصل ما أفاده قدس‌سره : ان مانعية المانع في رتبة متأخرة عن وجود المقتضي بشرطه ، فما لم يوجد المقتضي لا تتحقق المانعية ، لأن معنى المانعية هي المانعية عن تأثير المقتضي ، فيلزم ان يكون المقتضي موجودا. وبما ان المقتضي بشرطه لا يمكن ان يتحقق لكلا الضدين ـ كما مرّ تقريبه ـ لم يكن الضد مانعا عن ضده أصلا. وعلى هذا البيان بنى انه لو كان أحد الضدين مأخوذا شرطا في المأمور به امتنع أخذ الآخر مانعا. وبذلك حلّ مشكلة اللباس المشكوك التي تضاربت النصوص في نحو اعتباره. فمنها ما ظاهره كون لبس ما يؤكل لحمه شرطا. ومنها ما ظاهره كون لبس ما لا يؤكل لحمه مانعا. وبيانه في محله من الفقه (١).

وقد أورد على هذا الوجه ، ولا نرى ملزما لذكر الإيراد ودفعه بعد تقريب نفي المقدمية بما عرفت. فلاحظ.

ثم انه قد أشرنا إلى وجود القول بالتفصيل بين عدم الضد المعدوم وعدم الضد الموجود ، فالثاني مقدمة دون الأول. وهو المنسوب إلى المحقق الخوانساري قدس‌سره.

__________________

(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٢٥٥ ـ الطبعة الأولى.

الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ١ ـ ٣٠٧ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۵۲۶۱