العينين وما هو نقيض الآخر وبديله ، بل بينهما كمال الملاءمة ... » هو ان العدم لما كان يرفع التمانع الثابت بالضد وكان بينه وبين الضد كمال الملاءمة ، فبه يرتفع تلك الممانعة ، فكان في رتبة الضد قهرا.
وبالجملة : فما يريده صاحب الكفاية هو ما ذكرناه ، وسيتضح ذلك جدا من كلامه في ضمن البحث ، فتدبر.
وقد أورد على الدور : بان توقف كل من الضدين على عدم الضد الآخر فعلي ، وتوقف عدم الضد على الضد الآخر تقديري ، فيرتفع الدور.
بيان ذلك : ان عدم الشيء لا يستند إلى وجود المانع عن الشيء الا في صورة وجود المقتضي والشرط ، وإلاّ فلو لم يكن المقتضي موجودا استند العدم إليه ، فيعلل عدم تحقق الحرقة ـ عند عدم وجود النار ـ بعدم وجود النار لا بوجود الرطوبة ، كما يعلل أيضا بعدم الملاقاة عند وجود النار ، والرطوبة بدون الملاقاة ، نعم يعلل بوجود الرطوبة لو تحققت ملاقاة النار للجسم.
واما وجود الشيء فهو يستند إلى جميع اجزاء علته فعلا.
وعليه ، فوجود الضد يستند فعلا إلى عدم الضد الآخر لأنه من اجزاء علته. واما عدم الضد فهو لا يستند إلى وجود الضد الآخر الا في صورة وجود مقتضية وشرطه فاستناده إليه تقديري ، بمعنى أنه معلق على وجود المقتضي والشرط ، وهو لا يتحقق دائما. وذلك لأن وجود الضدين اما ان يلحظا بالإضافة إلى إرادة شخص واحد أو بالإضافة إلى شخصين.
فعلى الأول : لا يمكن تحقق المقتضي ، وذلك لأنه مع إرادة المانع عن الضد وهو الضد الآخر ـ كما هو الفرض ـ لا يمكن ان تكون هناك إرادة أخرى متعلقة بالضد ، فمع إرادة السواد لا يمكن إرادة البياض. وعليه ففي فرض وجود أحد الضدين لا بد ان يفرض انتفاء مقتضي الضد الآخر ـ وهو الإرادة ـ ، فيستند عدم الضد الآخر إلى عدم المقتضي لا إلى وجود الضد المانع.