الاضطرار في أثناء الوقت لا من أوله. وذلك لما تقرر في تلك المسألة من ان خروج الفرد بالتخصيص إذا كان من أول أزمنة الحكم كان التمسك بإطلاق العام بعد انتهاء زمان التخصيص مما لا إشكال فيه ولا خلاف ولذا يلتزم بجواز التمسك بإطلاق ﴿ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾(١) في نفي الشك بعد انتهاء زمان خيار المجلس لأن دليله اقتضى التخصيص من أول أزمنة الحكم. نعم إذا كان التخصيص بعد شمول حكم العام للفرد المخصص بعض الوقت كان التمسك بإطلاق العام بعد زمان التخصيص محل كلام.
وعليه ، فإذا كان الاضطرار من أول زمان الحكم ، وفي أول الوقت بحيث خرج الفرد عن الحكم من أول زمان الأمر بان كان فاقدا للماء من حين الزوال كان التمسك بإطلاق دليل العام بعد ارتفاع العذر من المسلمات فلا كلام فيه فيختص الكلام بما إذا كان الاضطرار في الأثناء ، مع ان الحال في الإجزاء وعدمه لا يفرق فيه ـ في كلمات القوم ـ بين كون الاضطرار من الأول أو في الأثناء.
الثالث : ـ وهو عمدة الإشكال على الوجه المزبور ـ ان شمول إطلاق دليل العام بعد ارتفاع العذر ـ فيما نحن فيه ـ امر مسلم لا ينكره أحد وشاهدنا على ذلك ، انه لو لم يأت بالفعل الاضطراري يجب عليه الفعل الاختياري بعد ارتفاع العذر بمقتضى الإطلاق ، فلو كان مجرد التخصيص بالفرد المضطر في بعض الوقت مانعا عن شمول الإطلاق له فيما بعد الاضطرار لم يفترق فيه صورة الإتيان بالفعل الاضطراري وعدمه ، ومقتضاه عدم وجوب الفعل الاختياري لو عصى الأمر الاضطراري ، مع انه لا قائل به. فهذا مما يكشف عن ان شمول الإطلاق لما بعد ارتفاع العذر امر مسلم لا كلام فيه وانما الكلام في جهة أخرى وهي ان دليل الأمر الاضطراري هل يقتضي الصدّ من شمول
__________________
(١) ـ سورة المائدة الآية : ١.