التزاحم بين ذات الحكمين ، فوجود أحدهما يرفع الآخر قصد امتثاله أو لم يقصد ، فتخصيص ارتفاع الحرمة بخصوص صورة قصد التوصل ما لا يعرف له وجه. وعليه فلا وجه لإقراره هذه الجهة والإيراد عليه من جهة أخرى.
الثالثة : فيما أورد على كلام التقريرات من ان باب التزاحم أجنبي عن وجوب المقدمة وقصد التوصل.
إذ فيه : ان كون باب التزاحم أجنبيا عن وجوب المقدمة وقصد التوصل ، لا ينافي دعوى اختصاص المزاحمة هنا بصورة قصد التوصل ، إذ يمكن ان يتصادق البابان الأجنبيان في مورد واحد ويرتبط أحدهما بالآخر في ذلك المورد وان انفصلا في أنفسهما وملاكاتهما ، فأجنبية أحدهما عن الآخر لا تمنع من انطباقهما على المورد الواحد. فتدبر.
الرابعة : فيما أشار إليه من وجود خطاب تحريمي على الترتب ، فانه غير وجيه ، فان الترتب بين المقدمة وذيها غير معقول ، فانه انما يرفع غائلة التزاحم لا غائلة التضاد. وتحقيق ذلك وتوضيحه يوكل إلى محلّه. وعليه فلا مكان للمناقشة فيه بالتطويل كما جاء في تعليقة التقريرات للسيد الخوئي ( حفظه الله ) (١).
ونعود بعد هذا إلى ما استدل به في التقريرات على مدعاه ، وقد عرفت الإشكال في الوجه الأول البرهاني.
واما الوجه الوجداني ، فهو بالمقدار الّذي ذكرناه لا يفي بالمطلوب ، ويمكن إيضاحه : بان نفس الوجه الّذي يقام دليلا على أصل وجوب المقدمة يقتضي تعلق الوجوب بخصوص المقدمة التي يقصد بها التوصل. وذلك فان ما يذكر دليلا على أصل الملازمة هو بناء العرف على وجوب المقدمة ، ويكشف عنه وجود بعض الأوامر العرفية بالمقدمة كما يقول المولى لعبده : « ادخل السوق
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٢٣٦ ـ الطبعة الأولى.