وعليه ، فلا يتحقق الواجب الغيري إلا بالقصد إلى المقدمة وقصد المقدمية لا يفترق عن قصد التوصل حقيقة. فهذا الوجه يبتني على مقدمتين.
إحداهما : تعلق الوجوب الغيري بعنوان المقدمة.
والأخرى : توقف تحقق الواجب بما انه واجب على قصده ، فلا يتحقق الواجب الغيري إلا بقصد المقدمية ، وهو في الحقيقة قصد التوصل بها إلى ذيها.
الوجه الثاني : وهو وجه عرفي ، وهو انه لا ريب في إنّا نجد أن من يأتي بالمقدمة بدون قصد التوصل بها إلى ذيها ، بل بداع آخر ، لا يعدّ في العرف ممتثلا للوجوب الغيري وآتيا بمتعلقه ، مما يكشف عن كون معروضه هو المقدمة التي يقصد بها قصد التوصل (١).
بهذين الوجهين استدل في التقريرات على مدعاه ، ولكن قد عرفت ما في الوجه الأول بكلتا مقدمتيه ، فقد عرفت عدم تمامية الأولى وعدم إجراء الثانية ، إذ هي لا تستلزم القصد بمعنى الداعي فلا نعيد.
ثم ان المحقق النائيني قدسسره حكم بتشوش عبارة التقريرات ، وعدم ظهور المراد منها بوضوح وجلاء ، لذلك تصدى لبيان محتملات الكلام ، والبحث فيها ، فأفاد : انه ..
اما ان يكون المقصود هو اعتبار قصد التوصل في تحقق العبادية والامتثال بالمقدمة فهو حق ، وقد تقدم البحث فيه.
واما ان يكون المقصود هو اعتبار قصد التوصل في معروض الوجوب فهو ممنوع ، لعدم دخل قصد التوصل في مقدمية المقدمة فيستحيل تقيد الواجب به. ثم ذكر في تقريب اعتباره الوجه الأول بنحو الاختصار ، وأورد على المقدمة الأولى منه : بان جهة المقدمية جهة تعليلية لا تقييدية.
واما ان يكون نظره إلى اعتبار قصد التوصل في مقام المزاحمة ، بمعنى انه
__________________
(١) كلانتري الشيخ أبو القاسم. مطارح الأنظار ـ ٧٢ ـ الطبعة الأولى.