يوجه به الوعد بالثواب بحيث يحافظ على كونها واجبات غيرية ويجمع بين كلتا الجهتين ، اما مع إمكان حمل النصوص على ما لا ينافي المقدمية فلا تصل النوبة إلى الحمل على الاستحباب النفسيّ فلاحظ.

هذا تمام الكلام في جهات هذا الأمر الثلاثة.

يبقى الكلام في أمر تعرض إليه الأعلام جميعا ، وهو البحث في عبادية الطهارات الثلاث وترتب الثواب عليها ، فان فيها إشكالا ، وقد قرّره الشيخ قدس‌سره في كتاب الطهارة بلزوم الدور (١). وتقريبه يتوقف على مقدمتين :

الأولى : ان رفع الحدث المانع من الصلاة ، ـ وان شئت فقل : الطهارة ـ انما يتحقق بالوضوء إذا وقع الوضوء على وجه العبادية المتوقف على تعلق الأمر به كي يقصد الإتيان به بداعي ذلك الأمر فيكون عبادة. إذ من الواضح انه إذا جاء بافعال الوضوء من دون ان تتعنون بعنوان العبادية وبلا ان تكون على وجه العبادة لم يتحقق بها رفع الحدث ولا استباحة الصلاة.

الثانية : انه لا أمر بالوضوء لأجل الصلاة إلا الأمر الغيري الثابت له بملاك المقدمية.

وإذا تمت هاتان المقدمتان يأتي الإشكال ، وذلك لأن الأمر الغيري انما يتعلق بالوضوء بما أنه مقدمة ـ باعتبار أنه رافع للحدث المانع ، ورفع المانع من المقدمات ـ ، ومقدميته متوقفة على الإتيان به على وجه العبادة ـ إذ عرفت ان رفع الحدث المانع يتوقف على إتيانه بنحو العبادة ـ ، والإتيان به على وجه العبادة يتوقف على الأمر به ، فعليه يكون الأمر الغيري متوقف على مقدميته ومقدميته متوقفة على الأمر الغيري به فيلزم الدور. وعبّر عن هذا الإشكال بعبارة أخرى ومحصلها : ان إيجاب الوضوء الغيري يتوقف على كون الوضوء مقدمة في نفسه ،

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. الطهارة ـ ٨٧ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۶۱