واما ما أفاده من جريان البراءة في الشك في الوجوب النفسيّ للوضوء قبل الوقت فيخدش : بعدم إمكان البراءة ، لأنها مستلزمة لتضييق دائرة الواجب وتقليل افراده التخييرية ، وهذا ينافي الامتنان المفروض انه ملاك البراءة. ولذا يمنع من جريان البراءة في كل مورد يوجب جريانها للتضييق على المكلف والكلفة عليه لا السعة.
واما ما أفاده من جريان البراءة من الوضوء بعد الوقت لو أتى به قبله على تقدير كونه غيريا. فهو في نفسه وان كان تاما ، إلاّ ان الّذي ينبغي ان يذكر في وجهه علميا هو : ان المعلوم على تقدير الغيرية هو أصل تقيد الواجب بالوضوء ، واما تقيده به على ان يؤتى به بعد دخول الوقت فهو غير معلوم ، فتنفى الخصوصية المذكورة بالبراءة.
واما ما ذكره في وجه ذلك : من كون المعلوم لزوم الإتيان بالوضوء لمن لم يأت به قبل الوقت ، اما من أتى به قبله فلا يعلم لزوم الإتيان به بعد الوقت ، فينفي وجوبه عليه بأصالة البراءة. فهو وجه ليس بعلمي (١).
والتحقيق : ان الوجه الأول الّذي ذكره السيد الخوئي وان كان وجها علميا لا خدشة فيه ، إلا انه لا يرتبط بما هو نظر المحقق النائيني ، فان نظره في كلامه إلى الوجه الثاني كما لا يخفى.
واما الإشكال على المحقق النائيني في ما أفاده من جريان البراءة في الجهات الثلاث للشك. فتحقيق الحال فيه :
اما لزوم الاحتياط في الشك في تقيد الصلاة بالوضوء ، وان كان تاما في نفسه ، إلا انه قد عرفت أن المحقق النائيني لا بد له من الذهاب إلى البراءة ، لالتزامه بتعلق الأمر الضمني بالشرائط الموجب لانحلال العلم الإجمالي ، لكون
__________________
(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٢ ـ ٣٩٣ ـ الطبعة الأولى.