الغيرية مسلم لعدم كونه مجعولا شرعيا ، بل هو لازم تكويني ـ كما يأتي تحقيقه ـ. واما ما له إنشاء مستقل وجعل خاص ، فلا مانع من إجراء البراءة فيه ، لأنه حكم مجعول قابل للوضع والرفع. وما نحن فيه من هذا القبيل ، إذ المفروض تعلق الأمر بالوضوء المردد بين كونه نفسيا أو غيريا ، فعلى تقدير كونه غيريا يكون من النحو الّذي تجري فيه البراءة. وعليه فوجوب الوضوء ـ فيما نحن فيه ـ قابل لجريان البراءة بكلا نحويه ، لكنه لا يكون مجرى البراءة بعد العلم به على كل حال ، فينحل العلم الإجمالي ويكون أصل البراءة في طرف التقيد بلا معارض.

واما المقدمة الثانية : فنورد عليها فعلا بأنه لم يلتزم بعدم الانحلال في مثل هذه الصورة حكما ، بل التزم بالانحلال ، فالإيراد عليه فعلا جدلي.

هذا كله حول ما ذكره في تعليقته على : « أجود التقريرات » من تقريب عدم جريان البراءة بتشكيل العلم الإجمالي بوجوب الوضوء نفسيا أو وجوب التقيد نفسيا ، فطرفا العلم الإجمالي هما وجوب الوضوء النفسيّ ووجوب التقيد النفسيّ. ولكنه في تقريرات بحثه قرر العلم الإجمالي بنحو آخر ، وقد أشار إليه في ذيل تعليقته على أجود التقريرات ، وهو : انا نعلم إجمالا بوجوب الوضوء نفسيا ، أو وجوبه غيريا ، وجريان البراءة في الوجوب الغيري معارض بجريانها في الوجوب النفسيّ (١).

ومن الواضح ان هذا المقدار من البيان لا يرتبط بما هو محل الكلام ، من لزوم التقيد وعدمه ، فان مورد الشك هو لزوم تقيد الصلاة بالوضوء وعدمه ، وقد عرفت ان المحقق النائيني ادعى جريان البراءة فيه ولم يرتض السيد الخوئي ذلك ، وتقرير الإشكال بما عرفته لا ينفع في الإلزام بالإتيان بالتقيد ، وذلك لأن

__________________

(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ١٧٠ [ هامش رقم (١) ] ـ الطبعة الأولى.

الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٢ ـ ٣٩٢ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۶۱