الآخر بعد ان كان كل منهما ثابتا بمقدمات الحكمة والإطلاق ، فان مفاد مقدمات الحكمة يختلف باختلاف الموارد ، فكما تقتضي الشمولية في مورد قد تقتضي البدلية في غيره ، كما انها قد تقتضي التعيين في بعض الموارد ، وإذا كان منشأ ثبوت كل منهما متحدا لم يكن وجه لتقدم أحدهما على الآخر لتساويهما ظهورا ، ولعل منشأ الترجيح ما رأى من تقدم عموم العام على إطلاق المطلق وترجيحه عليه ، والغفلة عن ان مرد ذلك لا يرجع إلى شمولية العام ، بل إلى كون شموله بالوضع وشمول المطلق بالإطلاق ، فيكون العام أظهر منه ، لأن ظهوره وضعي وظهور المطلق إطلاقي (١).

ولكن خالفه المحقق النائيني ووافق الشيخ في لزوم ترجيح المطلق الشمولي على الإطلاق البدلي عند دوران الأمر بينهما ، فإذا ورد مثلا : « أكرم العالم » ثم ورد : « لا تكرم فاسقا » ، فانه يقيد المطلق البدلي بغير العالم ويبقى الإطلاق الشمولي على إطلاقه (٢).

وقد تعرضنا لبيان وجه ما أفاده في الاستدلال على هذه الدعوى ، وبيان ما ذكر من المناقشة فيه ، كما ذكرنا وجها للدعوى بعنوان توجيه ما أفاده قدس‌سره أثبتنا به صحة الدعوى ، وان المتعين موافقته فيما ذهب إليه من ان الإطلاق الشمولي يرجح على الإطلاق البدلي ، كل ذلك ذكرناه في مبحث التعادل والترجيح (٣).

فقد كانت النتيجة : هو أن المعارضة في باب الإطلاق الشمولي والإطلاق

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٠٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ١٦٠ ـ الطبعة الأولى.

(٣) وقد أعاده سيدنا الأستاذ ( دام ظله ) بتفصيله إتماما للفائدة ، وحيث انه وافق التقرير المحرر سابقا كان إعادة تحريره تطويلا بلا طائل ، وانما المهم الإشارة إلى نتيجة الدعوى بعد توجيهها. فراجع ما أوضحناه تعرف. ( منه عفي عنه ).

۵۲۶۱