وان رجع إلى القضية الحقيقية ، فانها بهذا المعنى لا ينكرها صاحب الكفاية ، بل المنكر هو أخذ الشيء مفروض الوجود.

ويشهد لما ذكرنا نفس التزامه بالواجب المشروط ، فانه لا يتلاءم الا مع ما ذكرناه.

ومن هنا يتضح الجواب عن الإيراد الثاني ، فان مقدمات الإرادة وان كانت تامة ، إلاّ انه قد يمنع مانع من جعل الحكم ، فإذا أحرز المولى تمامية المصلحة بعدم المانع ينشئ الحكم معلقا على عدم المانع بنحو كلي ويكون التطبيق بيد المكلفين. وقد أشار صاحب الكفاية فيما تقدم إلى هذا الجواب ، وانه قد تتحقق الإرادة بتحقق مقدماتها ، لكن يمنع مانع من جعل الحكم فيعلقه على زوال المانع.

ولا يخفى انه إنما يتم بالتوجيه الّذي عرفته من الحكم على الموضوع الكلي المفروض فيه زوال المانع وإلاّ فمجرد مانعية المانع لا تكفي في رفع الإشكال ، إذ للمستشكل ان يدعي بأنه كما كان إحراز الشرط دخيلا بنفسه دون نفس وجود الشرط ، فكذلك إحراز عدم المانع دون نفس عدم المانع ، لأنه من الخارجيات التي يمتنع تأثيرها في الإرادة ، فإذا أحرز المولى عدم المانع في المستقبل أنشأ الحكم فعلا بلا وجه لتعليقه على زواله.

فالجواب الصحيح ما عرفت من أن ما هو مرتبط بالمولى إحراز تمامية المصلحة بعدم المانع ، لا إحراز تحققه وعدم تحققه ، والملاك في إنشاء الحكم هو الأول دون الثاني. فتدبر جيدا.

هذا كله بالنسبة إلى المقدمة الأولى.

واما المقدمة الثانية : فقد تعرض إليها بقوله : « قد انقدح من مطاوي ... » ، وتوضيح ما أفاده : ان المقدمات بجميعها قابلة لترشح الوجوب عليها إلا أنواع ثلاثة :

الأول : مقدمة الوجوب ، والوجه في عدم قابليتها لترشح الوجوب عليها

۵۲۶۱