المولى تحقق موضوع الحكم ، فعند جعل الحكم الفعلي يتصور المكلف ما يترتب على إطاعة الحكم ومعصيته من ثواب وعقاب ، وذلك يستلزم انفكاك الواجب عن الوجوب.
اما بالنسبة إلى الحكم المجعول بنحو القضية الحقيقية ـ الّذي عرفت ان جعل الأحكام الشرعية كلها بهذا النحو ـ فتأخر الفعل عن الحكم ليس من الأمور القهرية الضرورية ـ كي يدعى ان الالتزام بالواجب المعلق ليس بالشيء الجديد المستحدث ، فإن الأحكام كلها تتعلق بأمر متأخر ـ ، وذلك لأن إنشاء الحكم بنحو القضية الحقيقية يكون سابقا على فعليته ، لتوقف فعليته على حصول شرائطها وقيودها المأخوذة بنحو فرض الوجود ، فيمكن ان يهيئ المكلف نفسه للامتثال قبل فعلية الحكم ، وذلك بتصور ما يترتب على إطاعة الحكم الّذي سيتحقق عند تحقق شرطه من الثواب وعلى معصيته من العقاب إلى غير ذلك مما يكون مقربا للامتثال ، فلا ينتظر العبد بعد ذلك إلا صيرورة الحكم فعليا لينبعث نحو متعلقه بلا تأخر.
وبالجملة : ما يدعى : من ان انفكاك الفعل عن الحكم أمر سار في جميع الأحكام ، وانه امر تقتضيه طبيعة الحكم وواقعه ، فلا خصوصية للمتعلق من هذه الجهة كي يدعى امتناعه. مندفع : بما عرفت من عدم سرايته بعد فرض كون جعل الأحكام بنحو القضية الحقيقية ، لإمكان اتصال الحكم مع الفعل بلا انفكاك.
لا نقول : بان عدم الانفكاك بين الحكم ومتعلقه لا يتحقق دائما بناء على جعل الأحكام بنحو القضية الحقيقية ، إذ يمكن ان يتحقق الانفكاك بداهة ، إذ قد لا يكون الشخص عالما بالحكم قبل حصول الشرط وانما يعلم به بعد ذلك ، فيحدث في نفسه التهيؤ للامتثال بعد حصول الحكم وفعليته.
وانما الّذي نريد ان نقوله : هو ان الانفكاك الحاصل ليس امرا دائميا