إرادة وان بلغ ما بلغ ، وقد أقيم على ذلك البرهان من كلام أهل الفن ، والبحث فيه ومعرفة الحقيقة من كلامهم وأدلتهم خارج عن الأصول ، وانما الّذي نقوله دليلا على عدم تمامية كلام صاحب الكفاية ، وان الإرادة هي الشوق المحرك للعضلات فعلا هو ما يلمسه وجدان كل أحد من أنه قد يحصل الشوق إلى شيء فيستتبع تحريك عضلاته نحوه ويعدّ إرادة ، ويحصل شوق آكد منه بمراتب إلى شيء آخر من دون استتباع لتحريك العضلات لوجود المانع ولا يعدّ إرادة ، فالشوق إلى الاستجمام مثلا غير المحرك للعضلات لعدم وجود المال الكافي آكد بمراتب من الشوق إلى قراءة كلمة يستتبع تحريك العضلات. ومن الواضح أن الثاني يعدّ إرادة دون الأول ، وهذا دليل على عدم كون أخذ تحريك العضلات في تعريف الإرادة لتحديد مرتبة الشوق الّذي يكون إرادة ، ولا لكان إطلاق الإرادة على الشوق الأول أولى. فلاحظ.

واما الوجه الثالث : فقد نوقش بوجهين : أحدهما : ذكره المحقق الأصفهاني (١). والآخر : ذكره المحقق النائيني (٢) ، إلا ان ما ذكراه لا يرجع في الحقيقة إلى منع ما أفاده صاحب الكفاية في نفسه ، وعدم توجهه على المحقق النهاوندي ، بل مرجع ما ذكراه إلى منع ورود كلام صاحب الكفاية وعدم تماميته على كل من الوجه الّذي أفاده كل منهما في بيان استحالة الواجب المعلق. فهو ليس في الحقيقة منعا لكلام صاحب الكفاية ، بل هو منع لتوجهه عليهما في ما يفيده كل منهما في بيان الاستحالة ، وانه أجنبي عن منع الاستحالة بالوجه الّذي يفيده كل منهما.

ولأجل ذلك نؤجل بيانه إلى ان تصل النوبة إلى ذكر ما أفاده كل منهما

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ١٨٦ ـ الطبعة الأولى.

(٢) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ١٣٦ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۶۱