لا تعيين موضوع الحكم قبالا للشرع وحكمه به. فالاستشكال لا مجال له.
يبقى الكلام في شيء وان لم يكن مرتبطا بمحل كلامنا ، وهو ما أفاده المحقق النائيني قدسسره : من أن كل قيد أخذ في الخطاب ولم يكن لازم التحصيل لا بد أن يكون مأخوذا بنحو فرض الوجود (١) ، وقد التزم بذلك وكرّر التنبيه عليه. فلا بد من معرفة مقدار وجاهة هذا المفاد.
والتحقيق انه غير وجيه.
وذلك لأن القيود التي تؤخذ في الخطاب على أنحاء ثلاثة :
الأول : قيود المتعلق.
الثاني : ما يكون مرتبطا بالحكم بنفسه ، كالزمان فان نسبته إلى الحكم نسبة الظرف إلى المظروف.
الثالث : ما لا يكون بنفسه وبلحاظه خاصة ارتباط مع الحكم أصلا.
ومن الواضح ان الّذي يحتاج إلى أخذه مفروض الوجود هو النحو الثالث الّذي لا ارتباط له بنفسه مع الحكم أصلا ، فمع لحاظ المولى كلا من الحكم والقيد لا يمكنه جعل الارتباط بينهما من دون توسط شيء آخر إلا بنحو فرض الوجود. وهذا بخلاف مثل الزمان فانّه يمكنه جعل الارتباط بينهما من دون توسط شيء آخر بدون فرض الوجود ، فيقول مثلا : « أوجبت التصدق في يوم الجمعة » ، لأن الزمان يكون مرتبطا بالشيء لو وجد فيه بلا توسط شيء ، بخلاف مجيء زيد بالنسبة إلى وجوب التصدق ، فانه لا ارتباط بينهما أصلا لو وجدا متقارنين إلا بالفرض والتقدير. نعم يمكن الربط بينهما بغير الفرض والتقدير إذا توسط بينهما شيء آخر كالزمان ، فانه يقال : « يجب التصدق في زمان مجيء زيد » ، لكنه خلاف الفرض ، إذ المفروض ان المولى لا يلحظ شيئا غير الحكم والقيد ، ومعه
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ١٣٢ ـ الطبعة الأولى.