يتسبب بإنشائه إلى تحقق اعتبار العقلاء لما أنشأه باللفظ ، اما لأجل تحقق الاعتبار العقلائي في نفسه فيكون بعمله وإنشائه متسببا لتطبيق الاعتبار الكلي على المورد أو لأجل أنه بإنشائه يحدث الاعتبار العقلائي بعد أن لم يكن ثابتا قبل الإنشاء. وببيان أوضح : أنه تارة : يكون للعقلاء اعتبار كلي بنحو القضية الحقيقية ، كأن اعتبروا الملكية عند إنشائها ـ مثلا ـ ، فإذا إنشاء المنشئ يكون مسببا إلى تطبيق ذلك الاعتبار الكلي على مورد إنشائها لإيجاده ما هو موضوع الحكم العقلائي واعتبار العقلاء. وأخرى : لا يكون لهم اعتبار كلي. بل يتحقق اعتبارهم عند تحقق كل إنشاء ، فالمنشئ يتسبب بإنشائه إلى احداث اعتبار العقلاء.
وعلى أيّ حال : فالاعتبار انما هو من قبل العقلاء لا نفس المنشئ ، نعم يمكن تسمية الإنشاء بالجعل ، لكنه لا بالمعنى الحقيقي للجعل ، لما عرفت من انه لا يتكفل سوى التسبيب لجعل العقلاء.
ثم ان الاعتبار العقلائي قد يكون مرتبطا بالأمور الخارجية ، وذلك لأنه يتبع قصد المنشئ وكيفية إنشائه. فتارة ينشئ المعنى مطلقا بمعنى انه يقصد تحقق اعتباره حال إنشائه فيكون الاعتبار على طبق قصده. وأخرى ينشئه مقيدا ، بمعنى انه يقصد تحققه في ظرف خاص أو عند وجود أمر معين. فيكون الاعتبار على نحو قصده فلا يتحقق الاعتبار إلا في ذلك الظرف وعلى النحو الّذي قصده وأنشأه.
وبذلك يتضح ان للمجعول عالما غير عالم الإنشاء والجعل ـ بالمعنى المسامحي ـ ، وان لم ينفك عن الجعل العقلائي ، ويمكن ان يكون مرتبطا بالأمور الخارجية ولا يتمحض ارتباطه بالموجودات الذهنية كنفس الإنشاء ، فيقع الكلام حينئذ في انه هل يمكن ان يكون مرتبطا بما يكون متأخرا عنه في وجوده أو لا؟. فيتجه الكلام في الشرط المتأخر أو يتحدد موضعه ، وبعد هذا ننقل الكلام إلى ...