أفق العلة غير أفق المعلول ، فإذا كان المعلول من الأمور الذهنية امتنع ان تكون علته من الأمور الخارجية لامتناع تأثير الخارجي في الذهنيات ، وإلا لزم وجود الخارجي بما انه كذلك في الذهن وهو محال.
وعليه ، فبما ان الحكم الشرعي ـ تكليفيا كان أو وضعيا ـ من افعال المولى الاختيارية ، فهي صادرة عن إرادة المولى ومنبعثة عنها ، فلا معنى لتأثير الأمور الخارجية فيه ، وانما ينقل الكلام إلى مصدر نشوء الإرادة وتحقيقها ، فبما ان أفق الإرادة ليس هو الخارج وانما هو النّفس امتنع ان يؤثر فيها شيء من الخارجيات ، ولذا كانت مقدماتها ذهنية ، ومنها تصور الشرط الخارجي فانه يوجب إرادة الحكم ويؤثر فيها ، فالمؤثر هو العلم بالشرط وتصوره لا نفس الشرط بوجوده الخارجي لامتناع تأثيره في الإرادة كما عرفت ، وهذا المعنى كما يتأتى في الشرط المتقدم والمتأخر يتأتى في الشرط المقارن أيضا ، فان المؤثر في الحقيقة هو تصور وجوده لا نفس وجود الخارجي ، لامتناع تأثير الخارجيات في الإرادة.
وبالجملة : في مورد ثبوت الشرط للحكم ، يكون الشرط في الحقيقة هو الوجود العلمي التصوري لذلك الأمر لا نفس ذلك الأمر الخارجي ، فانه هو الّذي يصلح للتأثير في الإرادة دون المطابق الخارجي. ومن الواضح ان تصور الشرط يكون مقارنا للمعلول ، أعني الإرادة ، وان كان مطابقه متأخرا أو متقدما ، فلا يلزم تأثير المعدوم في الموجود. واما تسمية الأمور الخارجية بالشروط فهي بلحاظ كونها مطابقا لما هو الشرط في الحقيقة : أعني الوجود الذهني لها.
واما المأمور به فقد ادعى : ان الشرط في الحقيقة ليس ما يصطلح عليه بالشرط ، وانما هو إضافة خاصة للمأمور به طرفها ذلك الأمر ، والإضافة مقارنة مطلقا للمأمور به. بتقريب : ان الشيء لا يكون متعلقا للأمر وموردا له إلاّ إذا كان معنونا بعنوان حسن يستلزم تعلق الأمر به ، ومن الواضح الّذي لا إشكال فيه اختلاف الحسن والقبح باختلاف الوجوه والاعتبارات الناشئة من