العلة لا تنفك عن المعلول وجودا والسبق واللحوق بينهما رتبي لا زماني فلا مانع من التأكد (١).

وفيه : ان جهة استحالة التأكد لا يفترق فيها الحال بين النحوين. فان الوجه في امتناع تأكد المعلول مع العلة : ان ترشح الوجوب الغيري لما كان معلولا للوجوب النفسيّ لا يمكن فرضه إلا بفرض تحقق الوجوب النفسيّ خارجا ووجوده كي يترشح منه الوجوب الغيري ويكون مؤثرا في وجوده تأثير العلة بالمعلول ، ولا يخفى ان لكل وجود حد خاص معين ، وعليه فإذا فرض ترشح الوجوب الغيري عن الوجوب النفسيّ مقارنا لوجوده ، فاما ان يكون لكل منهما وجود مستقل فيلزم اجتماع المثلين. واما ان ينعدم الوجوب النفسيّ بحدّه الخاصّ ويحدث فرد جديد للوجوب مؤكد فيلزم انعدام علة الوجوب الغيري ـ إذ قد عرفت أنه الوجوب النفسيّ بحدّه الوجوديّ ـ ، وهو مساوق لعدم وجود الوجوب الغيري لانعدام المعلول بانعدام علته ، ففرض التأكد بين المعلول والعلة ملازم لفرض انعدام العلة بحدّها الوجوديّ الّذي به قوام التأثير ، وهو مستلزم لانعدام المعلول وهو خلف فرض التأكد ، ولا يخفى ان هذا الوجه لا يرتفع بدعوى المقارنة بين وجود المعلول ووجود العلة زمانا والاختلاف رتبة ، فان ملاكه أعم ، فكما يمتنع التأكد مع التقدم الزماني لعين الوجه ، فكذلك يمتنع مع التقدم الرتبي والعلية وان تقارن زمان العلة والمعلول. فلاحظ.

الثاني : ما ذكره في الكفاية من انه قد تقرر في مبحث اجتماع الأمر والنهي ان اختلاف الوجه والعنوان يجدي في رفع غائلة امتناع اجتماع الحكمين المتضادين ، فلا بد ان يكون كافيا في رفع غائلة اجتماع الحكمين المتماثلين لأنه موجب لتعدد المعنون ، ولا يخفى ان العنوان الّذي يثبت له الوجوب الغيري في

__________________

(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٢ ـ ٣٠٠ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۶۱