مرتفعا لما كان الحديث مسوقا للامتنان ، لأن الامتنان لا يتحقّق مع ارتفاع المصلحة من الأساس ، وإنّما يتحقق لو رفع الحكم ـ بالرغم من وجود المصلحة ـ لأجل الضرر.
وبهذا اتّضح ان الوجه المذكور تام وصالح للاعتماد عليه.
شرطان لصحة الوضوء
وقد يقال : إنّ الحكم بصحة الوضوء في المقام موقوف على إثبات أمرين :
أ ـ ان تكون آية الوضوء ذات اطلاق تدل بواسطته على صحة الوضوء في جميع الحالات ، بما في ذلك حالة الضرر الواقعي ليمكن التمسك باطلاقها بعد فرض قصور حديث نفي الضرر عن اثبات البطلان.
وبكلمة أخرى : ان قصور حديث لا ضرر عن اثبات بطلان الوضوء لا يستلزم الحكم بصحته إلاّ بعد فرض وجود اطلاق يمكن التمسك به ، وآية الوضوء لا إطلاق فيها ؛ إذ تقول : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ...﴾ (١).
ان الآية الكريمة تدل على تقيد مطلوبية الوضوء بحالة عدم المرض ، وحيث إنّ المرض ملحوظ بما هو طريق إلى الضرر (٢) فيكون
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) لوضوح ان ذكر المرض هو من باب استلزامه للضرر عادة ، فلو فرض انّ مريضا لم