وحينما انجرّ الحديث إلى الحكومة وقع اختلاف ثان في المقصود من مصطلح الحكومة فهل يقصد منه نظر أحد الدليلين إلى الآخر أو يقصد منه شي‌ء آخر؟

وانجرّ الحديث إلى اختلاف ثالث وهو : ما هي النكتة الفنيّة التي لأجلها يقدّم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم؟

انّ هذه مواطن ثلاثة للاختلاف نحاول المرور عليها بشكل سريع.

وجه التقدّم‌

أمّا بالنسبة إلى وجه تقدّم الحديث على الأدلّة الأوّلية فهناك عدّة آراء ، نذكر من بينها :

١ ـ انّ حديث نفي الضرر حينما نلحظه بالقياس إلى كل دليل من أدلّة الأحكام الأوّلية بانفراده فالنسبة وإن كانت هي العموم من وجه ، إلاّ أنّه حينما نلحظه بالقياس إلى مجموع الأدلّة الأوّلية فالنسبة نسبة العموم والخصوص المطلق ، فإن دليل وجوب الصلاة لو ضمّ إلى دليل وجوب الصوم والحجّ و ... صار مجموعها بمنزلة دليل واحد يقول : تجب الصلاة والصوم وبقية الواجبات ، ونسبة هذا الدليل الواحد الملحوظ بهذا الشكل إلى حديث لا ضرر نسبة العموم والخصوص المطلق ، فحديث لا ضرر بمنزلة الأخص ويقدّم من جهة الأخصيّة.

والوجه في صيرورته أخصّ : انّ دليل وجوب الصوم والصلاة و ... وإن كان يثبت وجوب الامور المذكورة في حالة الضرر وعدمها ـ وهو من هذه الناحية أعمّ ـ إلاّ أنّ حديث نفي الضرر يصير خاصّا وتنتفي عنه جهة العمومية ، لأنّه إنّما كان أعمّ باعتبار أنّه ينفي الحكم‌

۲۱۴۱