٣ ـ ان دليل وجوب الوضوء يدل على شيئين : وجوب الوضوء واشتماله على الملاك ، وحديث نفي الضرر حيث انّه وارد مورد الامتنان ، وهو يكفي في تحققه نفي الوجوب فقط دون الملاك فيكون المرفوع بالحديث هو الوجوب فقط دون الملاك ، ومع بقاء الملاك يقع الوضوء صحيحا من ناحية الملاك (١).
ونوقش ذلك بأن الدال على الملاك هو الوجوب ، فإذا ارتفع بالحديث فلا يبقى ما يدل على الملاك ليمكن التقرب به (٢).
وقد يضاف إلى ذلك أيضا بأن الملاك أمر تكويني وليس أمرا مجعولا من قبل الشارع ليمكن رفعه أو إبقاءه بالحديث ، فان القابل للرفع والابقاء هو الأمر المجعول دون الأمر التكويني.
هاتان مناقشتان قد توردان على هذا الوجه.
ويرد المناقشة الاولى : أنّ حديث نفي الضرر ما دام واردا مورد الامتنان فلا بدّ من كون المرفوع خصوص الوجوب ؛ إذ رفع الملاك اضافة إلى رفع الوجوب مستلزم لمخالفة الامتنان ، لأنّ لازم ذلك بطلان وضوء الجاهل بالضرر ولزوم الاعادة عليه ، وذلك مخالف للامتنان.
ويرد المناقشة الثانية : أنّنا لا ندّعي دلالة الحديث على إبقاء الملاك ليقال بأن إبقاء الملاك ورفعه ليس أمرا ممكنا ، بل نقول : إنّ الحديث يدل على انّ الملاك باق واقعا ولم يتأثر فهو كاشف عن بقاء الملاك لا انّه يبقيه بتقريب : أنّ الضرر حينما يذكر سببا للرفع يفهم منه العرف كونه مانعا من تأثير الملاك لا رافعا له من أساسه ، إذ لو كان
__________________
(١) من جملة من اختار ذلك السيد الحكيم في المستمسك ٤ : ٣٣٢.
(٢) التنقيح ٩ : ٤٢٥.