يوفّق بينهما بحمل الأوّلي على الاقتضائي ، والثانوي على الفعلي.
وعند اجتماع الحكم الفعلي والاقتضائي لا إشكال في لزوم الأخذ بالحكم الفعلي.
وفيه : أنّه ليس بوسعنا التصديق بورود الأدلّة الأوّلية لبيان الحكم الاقتضائي. وكيف يحتمل ورود مثل قوله تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ...﴾ (١) لبيان الحكم الاقتضائي ، وانّ هناك مقتضيا ومصلحة في الوضوء تقتضي وجوبه من دون أن يكون دالاّ على وجوبه الفعلي؟!
وإذا قيل : ليس المدّعى أنّ دليل وجوب الوضوء يدلّ على الحكم الاقتضائي دائما وفي جميع الحالات ، وإنّما المدّعى دلالته على ذلك عند كونه مضرّا. وبتعبير أوضح هو يدلّ على الوجوب الفعلي عند عدم كونه مضرّا ، وعلى وجوبه الاقتضائي عند كونه مضرّا.
قلنا : إنّ الدليل الواحد إمّا أن يدلّ على الوجوب الفعلي فقط ، أو يدلّ على الوجوب الاقتضائي فقط ، ولا معنى لأن يدلّ على هذا في حالة وعلى ذاك في حالة اخرى ؛ إذ ذلك مخالف للظاهر جزما ، فإنّ ظاهر كلّ دليل الدلالة على حكم واحد وليس على حكمين.
٤ ـ انّ دليل القاعدة والأدلّة الأوّلية متعارضان ، وبعد التعارض والتساقط يرجع إلى الأصل العملي ، وهو يقتضي البراءة التي هي تتّفق مع نتيجة تقديم قاعدة لا ضرر.
وفيه : انّ المعارضة والتساقط غير تامين ، لإمكان الجمع العرفي
__________________
(١) المائدة : ٦.