وإذا كانت رسالة لا ضرر لشيخ الشريعة تعدّ من الرسائل الجيدة في هذا المجال فذلك ليس إلاّ من جهة تحقيقه الذي قام به لإثبات دعوى كون الفقرتين روايتين مستقلتين جمعتا في رواية واحدة في مقام النقل.
وأيّده في هذه الفكرة جمع من الأعلام منهم الشيخ النائيني والشيخ الاصفهاني ، ولكن لبيانات أخرى.
وحاصل ما ذكره شيخ الشريعة : انّ قضية «لا ضرر» الصادرة من النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم قد صدرت كقضاء مستقل ، إلاّ انّ عاقبة بن خالد قد ألحقها بقضية الشفعة. والناظر إلى حديث عاقبة يتخيّل انّ ذلك الالحاق هو من باب كون قضية لا ضرر علّة للحكم بثبوت الشفعة ، والحال أنّ الأمر ليس كذلك بل هو قضاء مستقل.
والدليل على ذلك : ان أحمد بن حنبل في مسنده الكبير روى عن عبادة بن الصامت مجموعة من الأقضية المستقلة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذكر من جملتها قضية الشفعة من دون أن تكون مذيّلة بحديث لا ضرر ، وهكذا ذكر من جملتها قضية المنع عن فضل الماء من دون ان يكون مذيلا بقضيّة لا ضرر ، وإنّما ذكر عبادة قضيّة لا ضرر بشكل مستقل عن قضيّة الشفعة وقضيّة فضل الماء.
ولأجل ان يتّضح المطلب ننقل رواية عبادة ؛ قال : «ان من قضاء رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : انّ المعدن جبار والبئر جبار والعجماء جرحها جبار (١) ، وقضى في الركاز الخمس ، وقضى انّ ثمر النخل لمن ابّرها إلاّ
__________________
(١) الجبار هو الهدر الذي لا يغرم. والعجماء هي البهيمة.