وقد أدرك الإمام الخوئي هذه الأخطار فأقدم على دعم الدِّين على صعيدين :

١ ـ صعيد الكتاب والسنّة بما أحيى من علوم القرآن ، وبما بنى على الكتاب والسنّة من أحكام.

٢ ـ وعلى صعيد الدعوة إلى الإسلام ، ونصرة الدِّين وإعزازه ، ونصرة المسلمين وحمايتهم.

بين الحكومة الإسلاميّة وحاكميّة الإسلام :

كانت ولا تزال هذه المرجعيّة العُليا تستهدف حاكميّة الإسلام في أوساط المسلمين. ومن هذا المنطلق : يظهر أنّ هناك فرقاً بين الحكومة الإسلاميّة ، كدولة ذات سيادة واستقلال ، وبين حاكميّة الإسلام ، كعقيدة ومبدأ يعتنقه المسلمون ، ويتعبّدون به.

وعلى أساس هذا الفارق ، فأيّتهما تكون : الهدف والغاية وأيّتهما تكون الوسيلة والطريق :

١ ـ البُنية الشكليّة : وهي التي تتقوّم بالسلطات التنفيذيّة ، والأنظمة الإداريّة ، والطّاقات البشريّة ، المجنّدة لها.

٢ ـ البُنية التحتيّة : وتتقوّم بالرسالة الإسلاميّة ، المتمثِّلة في التشريعات الإلهيّة ، والأحكام الدينيّة ، والمفاهيم الاعتقاديّة.

وفي الحقيقة : إنّ البنية الأُولى : هي الوسيلة والطريق ، والبنية الثانية هي الهدف والغاية.

وكلّما كانت الوسيلة أتقن وأقوم كان الوصول إلى الهدف أقرب إلى المستوي المنشود. ثمّ إنّه قد لا تتوقّف حاكميّة الإسلام ونفوذه الواقعي على إقامة حكومة إسلاميّة ذات بنية شكليّة ، عند ما تتعذّر إقامتها ، شأن جميع الأديان السماويّة ، التي فقدت شكليّة الحكم في عمل الأنبياء ، خلافاً للدين الإسلامي ، الذي كُتِبَ له الخلود ، فاقتضى ذلك إقامة خلافة إلهيّة تحكم المسلمين ، كما تحكمهم الرسالة الإسلامية نفسها.

ومن المسلّم : أنّ محتوى الرسالة الإسلامية يبتني على ثلاثة أُمور :

١ ـ العقائد الأُصول ، وما نشأ عنها من الفلسفة الإسلاميّة ( علم الكلام ) وهي تبتني‌

۵۳