المكلّفين إلاّ بالتقليد ، والرّجوع إلى الفقيه الجامع للشرائط ، وهو معنى حاكميّة الإسلام على المسلمين ، كما هو السبيل الأقوم إلى وحدة المسلمين تحت راية واحدة ، وشدّهم إلى الإسلام.

وهذه المرجعيّة منذ الغيبة الكبرى هي التي أُذِنَ لها أن تخلف الإمام الغائب ، وتُباشر حاكميّة الإسلام ، وتُفقِّه المسلمين ، وتوعِّيهم بالدِّين.

وقد عهد إلى المسلمين أن يستظلّوا بها ، انقياداً للنيابة العامّة ، في إطار المرجعيّة العُليا ، التي وضع خطوطها وخيوطها الإمام الغائب عليه‌السلام ، فهي وإن لم تكن لتقيم الحكومة الإسلامية في أكثر أدوارها ، إلاّ أنّها كانت تُعنى بحاكميّة الإسلام ، وإعلاء كلمة المسلمين.

والواقع : إنّ هذه المرجعيّة العُليا : هي التي أقامها الإمام الغائب لشيعته خلفاً له على المسلمين.

مُعطيات مرجعيّة الإمام الخوئي العُليا :

وعند ما انتهت إلى الإمام الخوئي هذه المرجعيّة العُليا بكل معضلاتها وثقلها في جيل مُثقل بالضغوط والإعصار والملابسات ، أخذ يتابع في خطواته سيرة الأئمّة المجاهدين ، وسياستهم في مختلف أدوار حياتهم وإمامتهم في إدارة هذه المرجعيّة ، والنهوض بها ، لهدف حاكميّة الإسلام ذاتها.

فكان من الأئمّة من يُجاهد في سبيل الله بالسيف ، وكان منهم من يُصالح أعداء الإسلام ومناوئيه حقناً للدِّماء ، وصلاحاً للمسلمين ، وكان منهم من يشهر سلاح العلم والعقيدة ، وكان آخرهم من جعل النيابة العامّة سبيلاً إلى إمامته حتّى ميعاد ظهوره وقيامه.

وكان الإمام الخوئي وهو عالم بزمانه ـ (١) يقيِّم هذه الأدوار التي عاشها ، وقام بمسؤوليّاته فيها ، قد تبنّى كل ذلك ، من دعم للجهاد ، ونهوض بالعلم ، واستجابة لحاجات المسلمين العقيديّة ، والثقافيّة ، والسياسيّة ، والاجتماعيّة. كلّ ذلك في اطار هذه‌

__________________

(١) تحف العقول ، للحرّاني / ٢٦١.

۵۳