الانصهار في سياسات واردة غير مشروعة.
وإذا كان الاجتهاد على ضوء السياسة ، ممّا يدفع إلى الاستقلال ، ومقارعة الطّغاة ومناهضة أعداء الدِّين ، في دعاياتهم وسياساتهم ، أو تبرير حكمهم ، فانّ هذه السياسة هي ما وُصِفَ به الأئمة الهداة من أنّهم ساسة العباد وأركان البلاد(١).
والعقيدة الشيعيّة لم تر أن تحكّم السياسة على الدِّين ، بل ترى أن تحتكم في أمر السياسة إلى الدِّين. ولم تكن لتغلّب المتغيِّرات السياسية على ثوابت الإسلام ، ومسلّمات أُصوله. وفي رؤية الإمام الخوئي أن يكون الدِّين هو الحكم في السياسة ، والمرجع لها ، حتى تجري السياسة وراء الدين ، ولا يجري وراءها تبعاً لها.
والعقيدة الشيعيّة ترفض الاجتهاد من أجل السياسة ، المتّخذة لصالح الحكّام ، ولتبرير حكمهم. على أنّها كانت ولا تزال تجتهد في السياسة نفسها على ضوء الدِّين ، وتتعرّف على ما يحيط بها من ملابسات الأُمور ، العالِم بزمانه لا تهجم عليه اللّوابس(٢).
الاتجاهات التجدّديّة :
كانت شخصيّته ذات نزعة تجدّديّة خارقة ، ترعى المستجدّات العلميّة والفكريّة ، ويطفو عليها ، بما كان يدرك من أنّ الدِّين كلّه ثورة على الأوضاع كلّها. ومن هذا المنطلق ، وجد أنّ أفضل الجهاد في سبيل الله أن يبدأه بالعلم والعقيدة ، فألهبت فيه تلك النزعة حركة الجهاد في العلم ، والعمل الجهادي الدائب. وقد استطاع أن يحقِّق بذلك الثورة العلميّة في أروقة العلم والمعرفة.
منهجيّة الإمام الخوئي في إحياء العلوم :
كانت منهجيّته في مختلف العلوم الإسلامية التي مارسها ، وأودعها في الحوزة العلمية ، هي نزعة التحقيق والابتكار ، والخروج عن الجمود والسلفيّة مهما أمكن.
__________________
(١) زيارة الإمام الهادي.
(٢) تحف العقول ، للحرّاني / ٢٦١.