الفصل الثاني :

بقاء النفس الإنسانية بعد الموت

إنّ بعض شبهات منكري المعاد ناشٍ عن توهّم أنّ الإنسان ليس إلّا مجموعة خلايا وعروق وأعصاب وعظام وجلود تعمل بانتظام ، فإذا مات الإنسان صار تراباً ولا يبقى من شخصيته شيء ، فكيف يمكن أن يكون الإنسان المُعاد هو نفس الإنسان في الدنيا؟ وعليه فلا يتحقّق المقصود من المَعاد وهو تحقيق العدل الإلهي بإثابة المطيع وعقوبة العاصي ، ولعلّه إلى هذه الشبهة يشير قولهم :

﴿أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (١).

وقد أجاب سبحانه عنها بقوله : ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (٢) يعني أن شخصيتكم الحقيقية لا تضلّ أبداً في الأرض ، فإنّها محفوظة لا تتغيّر ولا تضلّ ، وتلك الشخصية هي ملاك وحدة الإنسان المحشور في الآخرة والإنسان الدنيوي ، فالآية تعرب عن

__________________

(١) السجدة : ١٠.

(٢) السجدة : ١١.

۵۲۸۱