نبي أظهر المعجزة عقيب ادّعاء النبوّة لا يمكن تصديقه مع تجويز إظهار المعجزة على يد الكاذب في دعوى النبوّة. (١)

المعجزة دليل برهاني

هناك من يتخيّل أن دلالة المعجزة على صدق دعوى النبيّ ، دلالة إقناعية لا برهانية ، بحجّة أنّ الدليل البرهاني يتوقّف على وجود رابطة منطقية بين المدّعى والدليل ، وهي غير موجودة في المقام ، ويردّه أنّ دعوى النبوّة والرسالة من كلّ نبيّ ورسول ـ على ما يقصّه القرآن ـ إنّما كانت بدعوى الوحي والتكليم الإلهي بلا واسطة أو بواسطة نزول ملك ، وهذا أمر لا يساعده الحسّ ولا تؤيّده التجربة ، فإنّ الوحي والتكليم الإلهي وما يتلوه من التشريع والتربية الدينية ممّا لا يشاهده البشر في أنفسهم ، والعادة الجارية في الأسباب والمسبّبات تنكره ، فهو أمر خارق للعادة.

فلو كان النبيّ صادقاً في دعواه النبوّة والوحي ، لكان لازمه أنّه متّصل بما وراء الطبيعة ، مؤيَّد بقوَّة إلهية تقدر على خرق العادة ، فلو كان هذا حقّاً كان من الممكن أن يصدر من النبيّ خارق آخر للعادة يصدّق النبوّة والوحي من غير مانع منه ، فإنّ حكم الأمثال واحد ، فلئن أراد الله هداية الناس بطريق خارق للعادة وهو طريق النبوّة والوحي ، فليؤيّدها وليصدّقها بخارق آخر وهو المعجزة.

__________________

(١) نهج الحق وكشف الصدق : ٨٤.

۵۲۸۱