وممّا يدلّ على عدم صلاحيّة البشر نفسه لوضع قانون كامل ، ما نرى من التبدّل الدائم في القوانين والنقض المستمرّ الّذي يورد عليها بحيث تحتاج في كلّ يوم إلى استثناء بعض التشريعات وزيادة أُخرى ، إضافة إلى تناقض القوانين المطروحة في العالم من قبل البشر ، وما ذلك إلّا لقصورهم عن معرفة الإنسان حقيقة المعرفة وانتفاء سائر الشروط في واضعيها.

فإذا كان استقرار الحياة الاجتماعية للبشر متوقّفاً على التقنين الإلهي ، فواجب في حكمته تعالى إبلاغ تلك القوانين إليهم عبر واحد منهم يرسله إليهم ، والحامل لرسالة الله سبحانه هو النبيّ المنبئ عنه والرسول المبلّغ إلى الناس ، فبعث الأنبياء واجب في حكمته تعالى حفظاً للنظام المتوقّف على التقنين الكامل. وإلى هذا الدليل يشير قوله تعالى :

﴿لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ(١)

٢. حاجة الانسان إلى المعارف العالية

إنّ أهمّ ما يحتاج الإنسان إلى التعرّف عليه ليكون ناجحاً في الوصول إلى السعادة المطلوبة من حياته أمران : المعرفة بالله سبحانه ، والتعرّف على مصالح الحياة ومفاسدها ، والمعرفة الكاملة في هذين المجالين لا تحصل للإنسان إلّا في ضوء الوحي وتعاليم الأنبياء ، وأمّا العلوم الإنسانية فهي غير كافية فيهما.

__________________

(١) الحديد : ٢٥.

۵۲۸۱