الأدوات المادّية إنّما هو شأن من لم يحط الأشياء إحاطة قيّوميّة ، ولم تكن الأشياء قائمة به حاضرة لديه ، كالإنسان في علمه الحصولي بالجزئيات الخارجية ، فإنّ علمه بها لمّا كان عن طريق انتزاع الصور بوسيلة الأدوات الحسيّة كان إدراك الجزئيات متوقّفاً على تلك الأدوات ، وأمّا الواجب عزّ اسمه فلمّا كان علمه عن طريق إحاطته بالأشياء وقيامها به قياماً حقيقياً فلا يتوقّف علمه بها على الأدوات وإعمالها.

تكملة

قد ورد في الشريعة الإسلامية الحقّة توصيفه تعالى بالسمع والبصر وعدّ السميع والبصير من أسمائه سبحانه (١) والحقّ أنّ سمعه وبصره تعالى ليسا وصفين يغايران وصف العلم ، إنمّا المغايرة بلحاظ المفهوم لا من حيث الحقيقة والمصداق ، فقد عرفت أنّ جميع العوالم الإمكانية حاضرة لديه سبحانه ، فالأشياء على الاطلاق ، والمسموعات ، والمبصرات خصوصاً ، أفعاله سبحانه ، وفي الوقت نفسه علمه تعالى.

ثمّ إنّ الملاك المتقدّم وإن كان موجوداً في المشمومات والمذوقات والملموسات ، فإنّها أيضاً حاضرة لديه سبحانه كالمسموعات والمبصرات ، لكن لمّا كان إطلاق هذه الاسماء ملازما للمادّة والإحساس في أذهان الناس ، لم يصحّ إطلاق اللامس والذائق والشامّ عليه.

ومن الغايات الّتي يرشد إليها الذكر الحكيم في مقام التوصيف

__________________

(١) انّه سبحانه وصف نفسه بالبصير ٤٢ مرّة ، وبالسميع ٤١ مرّة في الكتاب العزيز.

۵۲۸۱