٢. آية ابتلاء إبراهيم عليهالسلام
قال سبحانه : ﴿وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ (١).
الاستدلال بالآية على المقصود رهن بيان أمرين :
الأوّل : ما هو المقصود من الإمامة الّتي أنعم الله سبحانه بها على نبيّه الخليل عليهالسلام؟
الثاني : ما هو المراد من الظالمين؟
أما الأوّل : فقال بعضهم : إنّ المراد من الإمامة ، هي النبوّة والرسالة ، ويردّه إنّ إبراهيم كان نبيّاً قبل تنصيبه إماماً ، وذلك لأنّه طلب الإمامة لذريَّته ، فكان له عند ذلك ولد أو أولاد ، ولا أقلّ من كون الولد والذريّة مرجوّا له. مع أنّ القرآن يحكى أنّ إبراهيم عليهالسلام تعجّب من بشارة الملائكة إيّاه بالولد : ﴿قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ (٢) فإبراهيم كان نبياً ورسولاً ولم يكن له ولدٌ وذرّيّة حتى مسّه الكبر ، ثمّ رزق ولداً في أوان الكبر بنصّ القرآن الكريم ، حيث قال : ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ﴾ (٣) فطلب الإمامة لذريّته. وعلى ذلك يجب أن تكون الإمامة الموهوبة للخليل غير النبوّة ، والظاهر أنّ المراد منها هي القيادة الإلهية
__________________
(١) البقرة : ١٢٤.
(٢) الحجر : ٥٤.
(٣) إبراهيم : ٣٩.