الفصل الثامن :

نظريّة التفويض

المنقول عن المعتزلة هو أنّ أفعال العباد مفوَّضة إليهم وهم الفاعلون لها بما منحهم الله من القدرة ، وليس لله سبحانه شأن في أفعال عباده ، قال القاضي عبد الجبّار :

ذكر شيخنا أبو علي رحمه‌الله : اتّفق أهل العدل على أنّ أفعال العباد من تصرّفهم وقيامهم وقعودهم ، حادثة من جهتهم ، وأن الله عزوجل أقدرهم على ذلك ولا فاعل لها ولا محدث سواهم. (١)

وقال أيضاً :

فصلٌ في خلق الأفعال ، والغرض به ، الكلام في أنّ أفعال العباد غير مخلوقة فيهم وأنّهم المُحدِثون لها. (٢)

ثمّ إنّ دافع المعتزلة إلى القول بالتفويض هو الحفاظ على العدل الإلهي ، فلمّا كان العدل عندهم هو الأصل والأساس في سائر المباحث ،

__________________

(١) المغني في أصول الدين : ٦ / ٤١ ، الإرادة.

(٢) شرح الأصول الخمسة : ٣٢٣.

۵۲۸۱