التعامل مع الفعل الصادر من الآخرين معاملة الصحيح ، فمتى ما أخبر انسان اني بعت داري ، أو عقدت على امرأة ، أو طهّرت ثوبي يصدّق اخباره ويحمل على كون فعله صحيحا ، ولا يشكك في صحة بيع داره ، أو عقده على المرأة ، أو تطهيره للثوب، واذا أراد شخص أن يشكك ويقول : لعلّه لم يعصر الثوب جيدا ، أو لعله لم يجر العقد بالماضوية أو ... حمل ذلك منه على الشذوذ والوسواس.
وهذه السيرة لا تختص بما اذا كان فاعل العقد ونحوه مسلما ، بل حتى غير المسلم اذا صدر منه ذلك يحمل على الصحيح.
ولعل نكتة هذه السيرة هي ظهور حال فعل العاقل في انه لا يرتكب إلا الفعل الصحيح ذا الأثر ولا يكون لاغيا أو عابثا في أفعاله ، أو لأنّه يلزم العسر والحرج الغالب واختلال النظام لو لم تحمل أفعال الآخرين على الصحيح.
واذا قال قائل : اني أسلّم السيرة المذكورة ، ولكن ما هو الدليل على حجيتها؟ كان الجواب ان السيرة المذكورة اذا كانت عقلائية فليست سيرة جديدة جزما بل هي سابقة ومتصلة بعهد المعصوم عليهالسلام فاذا لم يردع عنها كان ذلك دليلا على امضائها.
واذا كانت سيرة متشرعة فحيث ان هذه السيرة لا يحتمل كونها جديدة حدثت في الآونة المتأخرة بل هي متداولة يدا بيد بين المتشرعة فيلزم كونها متلقاة من المعصوم عليهالسلام وإلا لم تكن سيرة متشرّعة ، فنفس افتراض كون السيرة ثابتة بين المتشرعة يقتضي وصولها من الامام عليهالسلام بلا حاجة الى التمسك بعدم الردع لإثبات حجيتها فاننا قرأنا في علم الاصول وجود فارق بين سيرة العقلاء وسيرة المتشرعة ،