بيد ان المضي عن الشيء يختلف محققه باختلاف كون الشك في أصل وجود الشيء أو في صحته ، فمتى ما كان الشك في أصل وجود الشيء فالمضي عنه لا يتحقق إلا بالانتقال الى الجزء المتأخر عنه ، إذ ما دام أصل وجود الشيء مشكوكا فكيف يصدق المضي عن الشيء؟ انه لا يصدق إلا باعتبار المضي عن محله ـ وإلا فالمضي عنه نفسه لا يمكن صدقه ما دام أصل وجوده مشكوكا ـ والمضي عن محل الجزء لا يتحقق إلا بالدخول في الجزء اللاحق.
ومن هنا اعتبر في قاعدة التجاوز ـ أي عند الشك في أصل تحقق الجزء ـ الدخول في الجزء اللاحق.
ان اعتبار ذلك ليس لاعتبار الدخول في الجزء اللاحق بعنوانه بل لكون ذلك طريقا لتحقق المضي.
هذا في قاعدة التجاوز.
واما بالنسبة الى قاعدة الفراغ ـ أي الشك في صحة الشيء المتحقق سواء كان جزءا أم لا ـ فبما ان الشيء المشكوك صحته يتيقن بوجوده فالمضي عنه لا يتوقف صدقه على الدخول في جزء لاحق بل بالانتهاء عنه يصدق المضي.
والخلاصة : ان الشارع ألغى الشك بعد المضي عن الشيء ولم يعتبر في إلغاء الشك سوى المضي عن الشيء ، إلا ان تحقق المضي عن الشيء يختلف باختلاف كون الشك في أصل الوجود وكونه في صحة الشيء الموجود ، فعدم الاعتناء بالشك في أصل الوجود يشترط فيه الدخول في الجزء اللاحق ، لأنّه لا يصدق المضي إلا بذلك ، بينما عدم الاعتناء بالشك في صحة الموجود لا يلزم فيه ذلك لصدق