الجهة بل جعل حجّة من حيث كونه وظيفة عملية عند عدم وجود كاشف معتبر عن الواقع فهو أصل.
وفي ضوء هذا نقول : الصحيح كون اليد حجّة من حيث الامارية لأن مهم الدليل على حجيتها هو السيرة العقلائية ، واما الأخبار فهي ـ كما قلنا ـ واردة لتأكيد السيرة العقلائية وليست في صدد بيان مطلب جديد ، وواضح. ان العقلاء يعتبرون اليد حجّة من حيث كشفها الغالب عن الملكية ، وليس لحجيتها تعبدا من باب كونها وظيفة عملية عند الجهل بالواقع ، فإن القضايا التعبدية بعيدة عن الحياة العقلائية وان اصرّ على امكان ذلك الشيخ العراقي ، وقال ما نصّه : «لأن العقلاء كما لهم أمور يرجعون اليها لكونها كاشفة عن الواقع ، كذلك لهم أمور يرجعون اليها عند استتار الواقع، باعتبار كونها وظيفة عملية في ظرف الجهل بالواقع» (١).
وعلى أي حال إذا قلنا بأن اليد امارة فوجه تقدمها على الاستصحاب واضح، واذا قلنا بكونها أصلا فأيضا يلزم تقديمها ، من جهة انّه لو لم تقدم يلزم ان لا يبقى لها مورد للجريان ؛ إذ ما من مورد تجري فيه اليد عادة إلاّ ويوجد استصحاب يجري إلى جانبها يثبت من خلاله عدم ملكية صاحب اليد ، فإن صاحب اليد على العين غالبا ما هو مسبوق بعدم مالكيته ، بمعنى انّه لم تكن العين مملوكة له من القديم وانما كانت ملكا لغيره ، فإذا شك في انتقالها إليه استصحب عدم مالكيته.
__________________
(١) نهاية الأفكار الجزء الثاني من القسم الرابع : ٢١.