وهذه المسألة من موارد الابتلاء الكثيرة في حياتنا.
وطبيعي ينبغي ان نحصر الكلام بحالة : إذا لم يتمكّن صاحب الدار من إحداث الحمام في غير ذلك المكان الذي يضر بالجار ، وإلاّ فمنعه من إحداث الحمام لا يولّد له ضررا ، بل أقصى ما يلزم عدم امكان تصرفه في داره بالشكل الذي يحب ، وذلك لا يعدّ ضررا بالنظر العقلائي ، كما ينبغي ان نفترض أنّ إحداثه للحمام ضروري بحيث يشكّل عدمه ضررا عليه.
وإذا قيل : إنّ منع المالك من التصرف في ملكه كيفما أحبّ حرج عليه ، وهو منفي في التشريع الاسلامي.
كان الجواب : ان ذلك ليس بحرج ؛ لأنّ الحرج هو المشقة الشديدة ، والمفروض عدم لزومها.
إذن لا بدّ من فرض البحث في حالة دوران الأمر بين ضررين ، وعلى أساس هذا الافتراض لا يمكن التمسّك بحديث نفي الضرر ، لأنّ الأمر يدور بين حكمين ضرريّين ، فالحكم بجواز إحداث الحمام مستلزم للضرر على الجار ، والحكم بعدم جوازه مستلزم للضرر على المالك ، والتمسك بالحديث بلحاظ أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح.
وإذا قيل : إنّ قاعدة الناس مسلطون على أموالهم ترجّح طرف المالك ، حيث ان منعه من التصرّف في ملكه خلاف تسلطه على ماله.
كان الجواب : انّ القاعدة المذكورة لا دليل معتبر عليها من الروايات ، فانها لم ترد في معاجمنا الحديثية إلاّ في البحار (١). أجل قد
__________________
(١) البحار ٢ : ٢٧٢.