بعدم كونه مضرّا ، وبعد أن توضّأ اتّضح أنّه مضر فالمناسب الحكم ببطلانه ، لأنّه ما دام مضرّا واقعا فالأمر به يكون منتفيا بسبب حديث لا ضرر ، ومع انتفاء الأمر به يلزم وقوعه باطلا ، والحال أنّ المعروف بين الأعلام بل قيل بتسالمهم على الحكم بصحّته.
وبكلمة مختصرة : كيف يوجّه الحكم بصحّة الوضوء في الحالة المذكورة ، والحال أنّ المناسب لحديث لا ضرر هو البطلان؟
وهناك عدّة أجوبة عن ذلك نذكر منها :
١ ـ ما أفاده الشيخ النائيني قدسسره من أنّ الضرر في المقام لم ينشأ من الحكم الشرعي بوجوب الوضوء ليرتفع الحكم بالوجوب ، وإنّما نشأ من اعتقاد المكلّف وتخيّله عدم الضرر في وضوئه ، فاعتقاده عدم الضرر هو الذي أوقعه في الضرر وليس الحكم الشرعي بوجوب الوضوء ، ولذا لو فرض أنّ الحكم بوجوب الوضوء لم يكن واقعا لوقع المكلّف في الضرر بسبب اعتقاده عدم الضرر.
وما دام الضرر لم ينشأ من الحكم الشرعي بوجوب الوضوء فلا يرتفع ـ وجوب الوضوء ـ بحديث نفي الضرر.
ومع عدم ارتفاع وجوب الوضوء يقع ـ الوضوء ـ صحيحا من جهة تعلّق الأمر به وعدم انتفائه.
وفيه : انّ وجوب الوضوء لو كان ثابتا في مورد الفرض فهو ثابت في مورد تحقّق الضرر واقعا فيلزم انتفاؤه. ومجرّد أنّ الضرر خارجا لم يتحقّق بسببه غير مهمّ فإنّ الميزان في تطبيق حديث لا ضرر هو على ثبوت الحكم الشرعي في مورد الضرر وليس على نشوء الضرر خارجا من جهة الحكم الشرعي حتى يتعذّر تطبيقه في المقام.