إذ يخرج منقوله عن كونه موضوعاً للحجّيّة.
وهكذا نعرف أنّ تطبيق الإمام للترجيح بالصفات على الحاكمَين اللذَين يمثِّلان أول سلسلة السند لا ينسجم إلاّمع افتراض كون الترجيح لأحد الحكمين بلحاظ صفات الحاكم.
وأمّا عدم صحة الاعتراض بالنسبة إلى الشهرة وغيرها فلأنّ سياق الحديث ينتقل من ملاحظة الحاكمَين إلى ملاحظة الرواية التي يستند اليها كلّ منهما ، حيث قال : «ينظر ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك ...» ، فاضيفت المميّزات إلى الرواية ، لا إلى الحكم.
ولكنّ الشهرة في المقبولة التي ورد الترجيح بها في الدرجة الثانية ظاهرة في الاشتهار والشيوع المساوق لاستفاضة الرواية وقطعيّتها ، وليست بمعنى اشتهار الفتوى على طبقها ؛ لأنّ ظاهر الحديث إضافة الشهرة إلى نفس الرواية ، لا إلى مضمونها ، وذلك يناسب ما ذكرناه ، ويعني الترجيح بالشهرة على هذا الضوء تقديم الرواية القطعية سنداً على الظنّية ، وهذا ممّا لا إشكال فيه ، كما تقدم (١). وليس ذلك ترجيحاً لإحدى الحجّتين على الاخرى ؛ لِمَا عرفت سابقاً من أنّ حجّية الخبر الظنّيّ السند مشروطة في نفسها بعدم المعارضة لقطعيّ السند.
فإن قيل : إذا كان الأمر كذلك وجب تقديم الترجيح بالشهرة على الترجيح بالصفات ؛ لأنّ الترجيح بالصفات يفترض حجّية كلٍّ من الخبرين ويرجّح إحدى الحجّتين على الاخرى.
كان الجواب : أنّ الترجيح بالصفات ناظر إلى الحاكمَين ، لا إلى الراويين
__________________
(١) تحت عنوان : روايات العرض على الكتاب.